آيات من القرآن الكريم

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ

وقد حكى القرآن عنهم في آيات أخرى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ﴾ [الزخرف: ٨٧].
وقال عنهم: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ... ﴾ [النمل: ١٤].

صفحة رقم 8137

ذلك لأنهم يعلمون تماماً أن الله خلقهم، وأنه خلق السموات والأرض.. يعلمون كل نِعَم الله عليهم، ومع ذلك يُنكرونها ويجحدونها.. لماذا؟
لأن الإيمان بالله والاعتراف بنعمه مسألة شاقة عليهم، ولو كانت مجرد كلمة تُقال لقالوها.. ما أسهل أنْ يقولوا «لا إله إلا الله» لكنهم يعلمون أن: لا إله إلا الله لها مطلوبات، فما دام لا إله إلا الله، فلا يُشرِّع إلا الله، ولا يأمر إلا الله، ولا يَنْهى إلا الله، ولا يُحِلُّ إلا الله، ولا يُحرِّم إلا الله.
إذن: مطلوبات لا إله إلا الله جعلتهم في قالب من حديد، منضبطين بمنهج يهدم سيادتهم، ويمنع الطغيان والجبروت، منهج يُسوِّي بين السادة والعبيد.
إذن: الدين الحق يُقيِّد حركتهم، وهم لا يريدون ذلك، فتراهم يعرفون الله ولا يؤمنون به؛ لأنهم يعلمون مطلوبات لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإلا لو كانت مجرد كلمة لقالوها.
وقوله:
﴿وَأَكْثَرُهُمُ الكافرون﴾ [النحل: ٨٣].
بعض العلماء يقولون: أكثرهم يعني كلهم.. لا.. بل هذا أسلوب قرآني لصيانة الاحتمال وللاحتياط للقلة التي تفكر في الإسلام ويراودها أمر هذا الدين الجديد من هؤلاء الكفار، لا بُدَّ أنْ نُراعي أمر هذه القلة، ونترك لهم الباب مفتوحاً، فالاحتمال هنا قائم..
فلو قال القرآن: كلهم كافرون لتعارض ذلك مع هؤلاء الذين

صفحة رقم 8138

يفكرون في أنْ يُسلِموا.. وكذلك مراعاة لهؤلاء الذين لم يبلُغوا حَدَّ التكليف من أبناء الكفار.
إذن: قوله ﴿وَأَكْثَرُهُمُ﴾ تعبير دقيق، فيه ما نُسميّه صيانة الاحتمال.
ثم يقول تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ..﴾.

صفحة رقم 8139
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية