آيات من القرآن الكريم

۞ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ۖ هَلْ يَسْتَوُونَ ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ

قَوْله تَعَالَى: ﴿ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء وَمن رزقناه منا رزقا حسنا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهرا﴾ قَالَ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك: ضرب الْمثل لنَفسِهِ وللصنم الَّذِي عبد من دونه، فَقَوله: ﴿عبدا مَمْلُوكا﴾ أَرَادَ بِهِ الصَّنَم. وَقَوله: ﴿وَمن رزقناه منا رزقا حسنا﴾ ضرب مثلا لنَفسِهِ على معنى أَنه الْجواد الرازق الَّذِي يُعْطي من حَيْثُ يُعلمهُ العَبْد وَمن حَيْثُ لَا يُعلمهُ.
وَقَالَ قَتَادَة - وَهُوَ القَوْل الثَّانِي - هُوَ ضرب مثلا للْكَافِرِ وَالْمُؤمن، فَقَوله: ﴿عبدا مَمْلُوكا﴾ أَرَادَ بِهِ الْكَافِر، وَقَوله: ﴿وَمن رزقناه منا رزقا حسنا﴾ أَرَادَ بِهِ الْمُؤمن، وَقيل: إِن القَوْل الأول أليق بِظَاهِر الْآيَة؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سبق ذكر الْأَصْنَام، (وَتَأَخر ذكر الْأَصْنَام).
وَمن نصر القَوْل الثَّانِي اسْتدلَّ على صِحَّته بقوله: ﴿عبدا مَمْلُوكا﴾ والصنم لَا يُسمى عبدا، وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن ابْن عَبَّاس أَن الْآيَة فِي رجلَيْنِ بأعيانهما: أما الَّذِي رزقه الله رزقا حسنا، فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهرا، هُوَ عَمْرو بن هِشَام، وَأما [العَبْد] الْمَمْلُوك فَهُوَ هُوَ مَوْلَاهُ أَبُو الْجَواب، وَكَانَ يَأْمُرهُ بِالْإِيمَان وَيمْتَنع، أوردهُ

صفحة رقم 189

﴿رزقناه منا رزقا حسنا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهرا هَل يستوون الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (٧٥) وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم لَا يقدر على شَيْء وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يوجهه لَا يَأْتِ بِخَير هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاط﴾ النّحاس فِي تَفْسِيره بِإِسْنَادِهِ.
وَقَوله: ﴿هَل يستوون﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: ﴿هَل يستوون﴾، وَإِنَّمَا ضرب الْمثل لاثْنَيْنِ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن المُرَاد مِنْهُ الْجِنْس لَا وَاحِد بِعَيْنِه. وَقَوله: ﴿الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى. أَي: حمد نَفسه على علمه وجهلهم، وَقيل: مَعْنَاهُ: قل الْحَمد لله على مَا أوضح من الدَّلِيل. وَبَين من الْحق بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ، وَيُقَال: الْحَمد لي فَإِنِّي أَنا الْمُسْتَحق للحمد لَا مَا يشركُونَ بِي، بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ أَنِّي أَنا الْمُسْتَحق للحمد.

صفحة رقم 190
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية