آيات من القرآن الكريم

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١)
إن اللَّه تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وهو القادر على كل شيء وهو العليم بما يفعله الناس، ولكنه لَا يؤاخذ الناس على ظلمهم، وقت نزول الظلم، بل يؤخرهم، ولذا قال تعالى:
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ).
(لو) حرف امتناع لامتناع، أي امتنع عذاب اللَّه تعالى لأنه سبحانه لَا يؤاخذ الناس بظلمهم، وإن الناس منهم من يشركون باللَّه، وإن الشرك لظلم عظيم ومنهم من يقترف الآثام المخزية المفسدة للجماعات، ومنهم من يعتدي، ولا يعد القوي قويا إلا إذا اعتدى كما قال الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سُلْمَى.

صفحة رقم 4202

والظلم ماحق للخير، وإن اللَّه إذا آخذ الناس بظلمهم المستمر المتوالي لعمهم بعذاب من عنده، بريح صرصر عاتية، أو يخسف بهم الأرض، أو يجعل عاليها سافلها، أو بأن تجف السماء فلا تمطر، فيكون الجدب ثم الموت، وبذلك يهلك الناس والدواب، ولم يبق على ظهرها غاثية أو راغية، وبذلك يموت الجميع ولا تبقى دابة، وخلاصة المعنى أن اللَّه تعالى لو آخذ الناس لعمهم بعذاب لَا يترك منها دابة تدب على وجه الأرض، فنقمة الظالم تعم ولا تخصه، كما قال تعالى:
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذينَ ظَلَمُوا مِنكمْ خَاصَّةَ...)، والتعبير
بالمضارع في قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ...) فيه نفي للمؤاخذة في المستقبل، كما لم يؤاخذ في الماضي، لأن الله عدل لَا يأخذ المطيع بجريمة العاصي، ولا يأخذ العجماء بجريمة الإنسان.
(وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى)، حيث يمكن تمييز الظالم من العادل، والمسيء من المطيع، والمسئول من غير المسئول، فإذا جاء أجلهم الموقوت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، والسين والتاء للطلب، والمعنى ليس لهم أن يطلبوا التأخير والتقديم، بل هو لاحقٌ بهم ما يستقبلهم واللَّه أعلم.
وبعد ذلك أشار سبحانه إلى ظلمهم في النساء، وهو ظلم مستمكن في نفوسهم.

صفحة رقم 4203
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعله لا يظلم