
من الكذب فتعاقبون على ذلك.
قال الزجاج: معناه لتسئلن توبيخ حتى تعترفوا به على أنفسكم وتلزموها الحجة.
قال تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات سُبْحَانَهُ﴾ أي: ومن جهل هؤلاء المشركين، وافترائهم على ربهم [سبحانه] أنهم يجعلون له البنات ولا ينبغي أن يكون له ولد لا ذكر ولا أنثى ﴿سُبْحَانَهُ﴾ أي تنزيهاً له عما يقولون.
ثم قال [تعالى]: ﴿وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ﴾.
أي: أضافوا إليه ما يكرهون، فما كفاهم ما أضافوه إليه من الولد حتى جعلوا له ما لا يرضونه لأنفسهم وما يقتلونه إذا أتاهم، فأضافوا إليه ما يكرهون لأنفسهم وهن البنات، وجعلوا لأنفسهم ما يشتهون وهم البنون.
قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بالأنثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً﴾.

أي: وإذا بشر أحد هؤلاء المشركين بولادة ما قد أضافه إلى الله [سبحانه] ظل وجهه مسوداً كراهية لذلك ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ أي: قد كظمه الحزن وامتلأ غماً بولادتها وهو لا يظهر ذلك. والكظيم الذي يخفي غيظه ولا يشكو ما به، وهو فعيل بمعنى فاعل، كعليم. قيل الذي حسب في نفسه وعظمه هو ما فسره بعد ذلك من قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ على هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التراب﴾ فهذا عظم في نفسه.
وقيل معنى: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً﴾ أي: ظل كئيباً مغموماً بذلك. والعرب تقول لكل مغموم قد تغير لونه من الغم، واسودّ وجهه: كظيم.
وقال قتادة أخبرهم الله [ تعالى] بخبيث أعمالهم، فأما المؤمنون فراضون بما

قسم الله [ تعالى] لهم. قال ابن عباس: الكظيم الحزين. وقال الضحاك: هو الكمد.
ثم قال تعالى: ﴿يتوارى مِنَ القوم مِن سواء مَا بُشِّرَ بِهِ﴾.
أي: يستتر هذا المبشر / بالأنثى من القوم فيغيب عن أبصارهم من سوء ما بشر به عنده.
رويَ أن [ال] رجل كان في الجاهلية يتوارى إذا حضر وقت الولادة أو قبله فإن ولد له ذكر سر به وظهر، وإن كانت أنثى استتر وربما وأدها، أي دفنها حية، وربما أمسكها على كراهية وهوان. وهو قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ على هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التراب﴾.
ثم قال [تعالى]: ﴿أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾.
أي: بئس الحكم حكمهم، يجعلون لله ما لا يرضون لأنفسهم، وما لا يجوز

أن يكون له ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون.
والهون والهوان في لغة قريش. وبعض [بني] تميم يجعل الهون مصدراً للشيء الهين.
وقرأ عاصم الجحدري " أم يدسها ورده على الأنثى.
وكان يلزمه أن يقرأ: ﴿أَيُمْسِكُهُ﴾. وقرأ عيسى بن عمر " أيمسكها على هوان " وقرأ الأعمش: " أيمسكه على سوء ".