آيات من القرآن الكريم

أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

يُقدِّرون ذلك ولا يشعرونه (١)
٤٦ - قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ قال ابن عباس: يريد في تجارتهم واختلافهم إلى اليمن وإلى الشام (٢)، وهذا قول قتادة والكبي، قالا: ﴿فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾: في أسفارهم (٣)، وقال مقاتل: في ليلهم ونهارهم (٤)، يريد في تقلبهم في كل الأحوال ليلاً ونهارًا، فيدخل في هذا تقلبهم على الفرش يمينًا وشمالًا، ﴿فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي بممتنعين ولا فائتين (٥) الله، قال ابن عباس: يريد أن الله لا يعجزه شيء أراده.
٤٧ - قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾، التخوف: تَفَعُّل من الخوف، يقال: خفت الشيء وتخوَّفته، قال الزجاج: أي أو يأخذهم بعد

(١) ورد بنحوه غير منسوب في "تفسير القرطبي" ١٠/ ١٠٩، و"الشوكاني" ٣/ ٢٣٦.
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ١١٢ من طريق ابن أبي طلحة صحيحة، وأخرجه بنحوه من طريق العوفي غير مرضية، وورد في تفسير "تفسير الماوردي" ٣/ ١٩٠، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٢١، وابن الجوزي ٤/ ٤٥٠ قال: في أسفارهم، والخازن ٣/ ١١٧، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٢٣، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وفي جميع المصادر ما عدا ابن الجوزي ورد بلفظ: في اختلافهم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" ٢/ ٣٥٦ بلفظه عن قتادة، والطبري ١٤/ ١١٢ بلفظه عن قتادة من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٦٩، بلفظه عن قتادة، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٥٠، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٠٩، وابن كثير ٤/ ٦٢٩، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٢٣، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، كلها عن قتادة، وورد غير منسوب في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٧ أ، وهود الهواري ٢/ ٣٧٢، ونُسب فيه إلى الكلبي تفسيرها بقوله: في البلاد بالليل والنهار.
(٤) "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٣ أ، بلفظه، وانظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٩٥.
(٥) في جميع النسخ: (قانتين) ولا معنى لهاهنا، والصحيح المثبت كما في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٣٧، و"الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٣٩٨.

صفحة رقم 69

أن يخيفهم؛ بأن يهلك فرقة فتخاف التي تليها (١)، وهذا معنى قول الضحاك والكلبي، يعني: (يعذب طائفة ويدع طائفة) (٢)، فيتخوف الذين يَدَعْهم مثل ما أصاب الآخرين (٣)، ونحو هذا قال الحسن (٤)؛ والمعنى يأخذهم على تخوفهم الهلاك لما سبق من هلاك طائفة منهم، وقال ابن عباس وعامة المفسرين: على تَنَقُّص؛ إما (٥) بقتل أو بموت (٦)، يعني: ينقص من أطرافهم ونواحيهم الشيء بعد الشيء حتى يُهْلِك جميعَهم (٧). أخبرني

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠١، بنصه.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" ٢/ ٣٥٦ عن الكلبي، والطبري ١٣/ ١١٤ عن الضحاك، و"معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٦٩، عن الضحاك، وورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٧ أ، عنهما، و"تفسير الماوردي" ٣/ ١٩٠، عن الضحاك، والطوسي ٦/ ٣٨٦، عن الضحاك، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٢١، عنهما، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٠، عن الضحاك، والخازن ٣/ ١١٧، عنهما، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٢٣، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن الضحاك.
(٤) انظر: "تفسير الماوردي" ٣/ ١٩٠، والطوسي ٦/ ٣٨٦، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٠.
(٥) في جميع النسخ: (أو، ويستقيم المعنى بـ (إما)، والتصويب من "تفسير الشوكاني" ٢/ ٢٣٦، وصديق خان ٧/ ٢٥٠.
(٦) "تفسير مجاهد" ١/ ٣٤٧، بنحوه، وأخرجه الطبري ١٤/ ١١٣، بنحوه، عن ابن عباس من طريق عطاء الخرساني صحيحة، وأخرجه مختصرًا عن مجاهد من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٦٩، مختصرًا عن ابن عباس ومجاهد، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٥١، عن ابن عباس ومجاهد والضحاك، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٠، عن ابن عباس ومجاهد، والخازن ٣/ ١١٧، عن ابن عباس ومجاهد، وأبي حيان ٥/ ٤٩٥، عن ابن عباس ومجاهد والضحاك.
(٧) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٧ أ، بنصه.

صفحة رقم 70

العروضي عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري عن الحرّانيِّ عن ابن السِّكِّيت، قال: يقال: هو يَتَخَوَّفُ المالَ ويتَحَوَّفُه، أي يتَنَقَّصُهُ ويأخذُ من أطرافه، وأنشد لابن مقبل (١):

تخوَّفَ السَّيْرُ منها تَامِكًا قَرِدًا كما تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعةِ السَّفَنُ (٢) (٣)
وروى شمر عن ابن الأعرابي: تَخوَّفْتُ الشيء وتَخيّفْتُه، وتَخَوَّفْتُهُ وتَخَيَّفْتُهُ إذا تَنَقَّصَتُه (٤).
قال أهل المعاني: معنى التنقص: أنه يؤخذ الأول فالأول حتى لا يبقى منهم أحد، وتلك حال يُخافُ معها الفناء ويُتخوفُ الهلاكُ (٥)، فمعنى
(١) نُسب في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٧ ب، لأبي كبير الهذلي، وهو يصف ناقة، ولم أجده في "ديوان الهذليين". وابن مقبل هو: تميم بن أُبيّ بن مُقبل، من بني عجلان، تقدمت ترجمته.
(٢) لم أجده في الإصلاح، وورد في "تهذيب اللغة" (خاف) ١/ ٩٦٦، بنصه.
(٣) "ديوان ابن مقبل" ص ٤٠٥، وورد في "تهذيب اللغة" (خاف) ١/ ٩٦٦، و"اللسان" (خوف) ٣/ ١٢٩٢، ونُسب إلى أبي كبير الهذلي في "تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٠، وأبي حيان ٥/ ٤٩٥، و"تفسير الألوسي" ١٤/ ١٥٣، وصديق خان ٧/ ٢٥٠، والثعلبي ٢/ ١٥٧ ب، لكن برواية:
تخوف الرحل منها تامكًا صلبًا
ونسبه الزمخشري لزهير ٢/ ٣٣٠، وورد غير منسوب في "تفسير الطبري" ١٤/ ١١٣، و"معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠٢، و"تفسير الطوسي" ٦/ ٣٨٦، وابن عطية ٨/ ٤٢٧، والفخر الرازي ٢٠/ ٣٩، و"الدر المصون" ٧/ ٢٢٥، وفي بعض المصادر: (الرحل) بدل (السير)، (التامك) السنام، (القرد) الذي تراكم لحمه من السمن، (النبعة) ضرب من الشجر الصلب، (السَّفَن) المِبْرَد، والمعنى: أي ينقص السيرُ سنامَها بعد تموكه، كما يُنحت العُودُ فيدِق بعد غِلَظِه.
(٤) المصدر السابق نفسه وبنصه.
(٥) انظر: "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٨٦، بنصه.

صفحة رقم 71
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية