
نقول " أي: أن يقول فيكون. ولا يجوز النصب على [ال] جواب ل " كن " لأنه خبر وليس بأمر.
قوله: ﴿والذين هَاجَرُواْ فِي الله﴾.
المعنى: والذين فارقوا دورهم وأوطانهم عداوة للمشركين في الله [ تعالى] من بعد ما ظلمهم المشركون وأوذوا في ذات الله [سبحانه].
﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾.
أي: لنسكنهم في الدنيا مسكناً صالحاً يرضونه. وهم أصحاب النبي ﷺ.

ظلمهم أهل مكة وأخرجوهم من ديارهم، حتى لحق طوائف منهم بالحبشة ثم بوأهم الله [ تعالى] المدينة بعد ذلك، فجعلها لهم دار هجرة وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين، قال ذلك قتادة وابن عباس.
وقال الضحاك: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدنيا حَسَنَةً﴾ هو النصر والفتح.
﴿وَلأَجْرُ الآخرة أَكْبَرُ﴾ الجنة.
فالآية: فيمن هاجر من المسلمين من مكة إلى أرض الحبشة. ليست الهجرة في هذا الموضع: الهجرة إلى المدينة، لأن هذا أنزل بمكة إلى أرض الحبشة.
قال الشعبي: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدنيا [حَسَنَةً]﴾ المدينة، وقال ابن

[أبي] نجيح: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدنيا حَسَنَةً﴾ أي: لنرزقهم في الدنيا رزقاً حسناً.
وكان عمر رضي الله عنهـ إذا أعطى لرجل من المهاجرين عطاء يقول: بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله [ تعالى] في الدنيا، وما أخّر لك في الآخرة أفضل ثم يتلوه هذه الآية: ﴿والذين هَاجَرُواْ فِي الله﴾.
وقال الضحاك: الحسنة: النصر والفتح. وقال مجاهد: الحسنة: هنا لسان صدق.
ومعنى بوأت فلاناً منزلاً: أحللته فيه. ومنه قوله: ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾ [يونس: ٩٣].

وقيل: إن هذه الآية نزلت في أبي جندل بن سهل.
ثم قال تعالى: ﴿وَلأَجْرُ الآخرة أَكْبَرُ﴾.
أي: ولثواب الآخرة على الهجرة، أكبر من ثواب الدنيا.
وقيل: الحسنة هنا، كونهم مؤمنين وسماعهم ثناء الله [ تعالى] عليهم.
وقيل: إن هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين عذبهم المشركون على إيمانهم وأخذوا أموالهم، منهم: صهيب وبلال. وذلك أن صهيباً قال للمشركين: أنا رجل / كبير 'ن كنت معكم ام أنفعكم، وإن كنت عليكم لم أضرَّ بكم. فخذوا مالي ودعوني. فأعطاهم ماله وهاجر إلى النبي عليه السلام. فقال له أبو بكر: ربح البيع يا صهيب. وقال عمر [Bهـ]: نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه. أي: لو أمن عذاب الله [سبحانه] لما ترك الطاعة ولا جنح إلى المعصية.