
١- مقارنة وهي الغالبة نحو: «هذا بعلي شيخا».
٢- مقدرة وهي المستقبلة نحو: «ادخلوها خالدين».
٣- ومحكية وهي الماضية نحو: جاء زيد أمس راكبا.
وفي الآية التي نحن بصددها وهي «يقولون سلام عليكم» يجوز أن تكون مقارنة إن كان القول واقعا منهم في الدنيا وأن تكون مقدرة إن كان القول واقعا منهم في الآخرة.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٥ الى ٣٦]
وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)
الإعراب:
(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا) الواو استئنافية والجملة مستأنفة لتقرير مغالطتهم وقولهم كلمة حق أريد بها باطل واحتجاجهم على الله تعالى بمشيئته التي لا حجة

لهم فيها مع ما خلق لها من اختيار النجدين وسلوك أحد الطريقين.
وقال الذين فعل وفاعل وجملة أشركوا صلة ولو امتناعية شرطية وشاء الله فعل وفاعل والمفعول محذوف أي لو شاء خلاف طريقتنا وما يصدر عنا وسيأتي مزيد بحث عن حذف المفعول به في باب البلاغة وما نافية وعبدنا فعل وفاعل ومن دونه حال ومن زائدة وشيء مجرور لفظا مفعول عبدنا محلا ونحن تأكيد لفاعل عبدنا والمعنى ما عبدنا شيئا حال كونه دونه ولا الواو عاطفة ولا نافية وآباؤنا عطف على نحن. (وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) الواو عاطفة وحرمنا فعل وفاعل ومن دونه حال من شيء ومن حرف جر زائد وشيء مجرور لفظا مفعول به منصوب محلا.
(كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كذلك نعت لمصدر محذوف مفعول مطلق وفعل الذين فعل وفاعل ومن قبلهم صلة. (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) الفاء عاطفة وهل حرف استفهام معناه النفي وعلى الرسل خبر مقدم وإلا أداة حصر والبلاغ مبتدأ مؤخر والمبين صفته. (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا) الواو عاطفة واللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق وبعثنا فعل وفاعل وفي كل أمة متعلقان ببعثنا ورسولا مفعول به.
(أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) أن يجوز أن تكون مصدرية وهي مع مدخولها نصب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان ببعثنا ويجوز أن تكون مفسرة لأن البعث فيه معنى القول واعبدوا فعل أمر وفاعل ولفظ الجلالة مفعول به واجتنبوا الطاغوت فعل أمر وفاعل ومفعول به.
(فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) الفاء تفريعية استئنافية ومنهم خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وهي نكرة موصوفة وجملة هدى الله صفة لمن ومنهم من حقت عليه الضلالة عطف على سابقتها وهي مثلها في الإعراب. (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ

عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
الفاء الفصيحة أي إن أردتم الاهتداء والاستدلال على الطريق المثلى فسيروا وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بسيروا فانظروا الفاء عاطفة وانظروا فعل أمر وفاعل وكيف اسم استفهام في محل نصب خبر كان المقدم وعاقبة المكذبين اسمها المؤخر.
البلاغة:
إيجاز الحذف:
الحذف للايجاز فقد حذف مفعول شاء في قوله «لو شاء الله ما عبدنا من دونه» أي لو شاء هدايتنا، ولحذف المفعول به لطائف هي أكثر من أن تذكر، ذلك أن أغراض الناس تختلف في ذكر الأفعال المتعدية فتارة يذكرونها ويريدون أن يقتصروا على إثبات المعاني التي اشتقت منها للفاعلين من غير أن يتعرضوا لذكر المفعولين وعندئذ يكون الفعل المتعدي كغير المتعدي ومثال ذلك قول الناس: فلان يحلّ ويعقد، ويأمر وينهى، ويضر وينفع، والقسم الثاني أن يكون للفعل مفعول مقصود إلا أنه يحذف من اللفظ لدليل يدل عليه وقد يكون ذلك جليا لا صنعة فيه كقولهم: «أصغيت اليه» أي بأذني، والخفي منه ما تدخله الصنعة، فمن الخفي أن تذكر الفعل وفي نفسك له مفعول مخصوص إلا أنك تنساه وتخفيه عن نفسك وتوهم أنك إنما تذكر الفعل لتثبت نفس معناه من غير أن تعديه إلى مفعول كقول البحتري:
شجو حساده وغيظ عداه | أن يرى مبصر ويسمع واع |

ايضا أن يكون معك مفعول معلوم مقصود قد علم انه ليس للفعل الذي ذكرت مفعول سواه بدليل الحال أو ما سبق من الكلام إلا أنك تطرحه وتتناساه لكي تتوفر العناية على إثبات الفعل للفاعل وتخلص له وتنصرف بجملتها اليه، قال طفيل الغنوي في بني جعفر بن كلاب:
جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت | بنا نعلنا في الواطئين فزلت |
أبو أن يملونا ولو أن أمّنا | تلاقي الذي يلقون منا لملّت |
هم خلطونا بالنفوس وألجئوا | إلى حجرات أدفأت وأظلت |
لو شئت لم تفسد سماحة حاتم | كرما ولم تهدم مآثر خالد |