آيات من القرآن الكريم

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ
ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ

﴿فَلَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين﴾ أي: بئس منزل من تكبر على الله سبحانه، ولم يقر بالوحدانية. وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " الكبر أن يسفه الحق ويغمط الخلق ".
قوله: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتقوا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً﴾ إلى قوله ﴿يَسْتَهْزِئُونَ﴾.
قوله: ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ ما: في موضع نصب. قالوا: وهي مع " ذا " اسم واحد في موضع نصب. ﴿قَالُواْ خَيْراً﴾ أي: قالوا أنزل خيراً. والمعنى: وقيل لأهل الإيمان والتقوى: ماذا أنزل ربكم؟ قالوا خيراً. ثم بينوا الخير ما هو فقالوا:
﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هذه الدنيا حَسَنَةٌ﴾ ويجوز حسنة في غير القرآن بالنصب على معنى أنزل للذين أحسنوا حسنة.
ثم قال: ﴿وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ﴾.

صفحة رقم 3981

أي: خير من الأولى ﴿وَلَنِعْمَ دَارُ المتقين﴾ دار الآخرة. ثم بين دار المتقين ما هي، فقال: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ أي: بساتين إقامة. فجنات: مرفوعة على الابتداء ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ الخبر. ويجوز رفعها على إضمار مبتدأ. أي: هي جنات عدن، و ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ حال.
ثم قال: ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ أي: من تحت أشجارها. ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ﴾.
أي ما تشتهيه أنفسهم. ﴿كَذَلِكَ يَجْزِي الله المتقين﴾. أي: كما جزى الله هؤلاء الذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة، كذلك يجزي الله من اتقاه فآمن به وأدى فرائضه واجتنب معاصيه. ثم بيّن المتقين فقال ﴿الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة طَيِّبِينَ﴾. أي: تقبض الملائكة أرواحهن طيبين، لتطييب الله إياها. ﴿يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادخلوا﴾ أي: تقول لهم الملائكة: سلام عليكم صيروا إلى الجنة وهذه بشارة من الله للمؤمنين.

صفحة رقم 3982

وروى أنس بن مالك وتميم الداري عن النبي ﷺ أنه قال: " يقول الله لملك الموت: انطلق إلى عبدي إذا جاز أجله فاتني به. فلأريحنه من الدنيا، فإني قد ضربته بالبأساء والضراء فيها فوجدته حيث أُحِبْ. فينطلق ملك الموت، ومعه خمس مائة من الملائكة، يحملون معه كفناً، وخيوطاً من الجنة، وضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لوناً، لكل لون من ذلك ريح طيبة سوى ريح أصحابها، والحرير الأبيض، فيه المسك الأذفر. فيجلس ملك الموت عند رأسه ويحتويه الملائكة. فيضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسطون/ ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه. فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة مرة، وبأزواجها مرة وبسكوتها مرة، وبثمارها [مرة] كما يعلل الصبي أهله إذا بكى. وإن روحه ليهش عند ذلك هشاً. قال: يقول: ينزو نزواً ليخرج يقول ملك الموت لنفسه: أخرجي أيتها النفس الطيبة إلى سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود وماء

صفحة رقم 3983

مسكوب. فلملك الموت أشد به ألطافاً من الوالدة بولدها. يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه [ تعالى] فهو يلتمس بلطف حبيب ربه [ تعالى] رضاء الرب [سبحانه]. فيسل روحه كما تسل الشعرة من العجين. قال الله [ تعالى] :﴿ الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادخلوا الجنة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ".
قال محمد بن كعب القرظي: إذا استنقعت نفس المؤمن، يعني في صدره، جاء ملك الموت، فقال: السلام عليك ولي الله، الله يقرأ عليك السلام، ثم نزع بهذه الآية. وهو معنى قوله: ﴿سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨]. قال البراء [بن عازب]: يسلم عليهم ملك الموت.
وعن ابن عباس في قوله: ﴿فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين﴾ [الواقعة: ٩١] قال: الملائكة

صفحة رقم 3984

يأتونه بالسلام من قبل الله [ تعالى] وتخبره أنه من أصحاب اليمين.
وقوله ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي: بعملكم في الدنيا وطاعتكم لله [ تعالى].
ثم قال [تعالى]: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الملائكة أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾.
أي: هل ينظر هؤلاء المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم وبما وعدوا به من العذاب. أو يأتي أمر ربك لحشرهم [لموقف] يوم القيامة. وقيل: أو يأتي أمر ربك بالعذاب والقتل في الدنيا.
﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي: كما فعل هؤلاء من انتظارهم الملائكة لقبض أرواحهم وإتيان أمر الله [ تعالى] إليهم بالعذاب كما فعل أسلافهم من الكفار بالله فجاءهم ما كانوا ينتظرون ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ الله﴾ في إحلال العذاب بهم

صفحة رقم 3985
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية