آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ
ﭻﭼﭽﭾﭿ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن كَانَ أَصْحَاب الأيكة لظالمين﴾ قَالَ أهل الْمعَانِي: " إِن " للتَّأْكِيد، وَكَذَا اللَّام فِي قَوْله ﴿لظالمين﴾ وَمعنى الْآيَة: وَقد كَانَ أَصْحَاب الأيكة ظالمين. والأيكة هِيَ الغيضة، وَقيل: هِيَ الشّجر الملتف، وَقَالَ قَتَادَة: كَانَ شجرهم دَوْمًا، وَقَالَ بَعضهم: كَانَت أَشْجَارهم مثمرة يَأْكُلُون مِنْهَا رطبا بالصيف ويابسا بالشتاء، وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿ليكة﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الأيكة وليكة بِمَعْنى وَاحِد.
وَالْآخر: أَن الأيكة اسْم الْبِلَاد، وليكة اسْم الْقرْيَة، قَالَ أهل التَّفْسِير: وَكَانَ رسولهم شُعَيْب النَّبِي، وَبعث إِلَى أهل مَدين وَإِلَى أهل الأيكة، فَأَما أهل مَدين

صفحة رقم 147

﴿أَصْحَاب الأيكة لظالمين (٧٨) فانتقمنا مِنْهُم وإنهما لبإمام مُبين (٧٩) وَلَقَد كذب أَصْحَاب الْحجر الْمُرْسلين (٨٠) وآتيناهم آيَاتنَا فَكَانُوا عَنْهَا معرضين (٨١) وَكَانُوا ينحتون من الْجبَال بُيُوتًا آمِنين (٨٢) فَأَخَذتهم الصَّيْحَة مصبحين (٨٣) فَمَا أغْنى عَنْهُم﴾ أهلكوا بالصيحة، وَأما أهل الأيكة فأهلكوا بِعَذَاب [الظلة].
وَفِي الْقِصَّة: أَنه أَصَابَهُم حر شَدِيد فِي مَنَازِلهمْ، وَمنع الله تَعَالَى الرّيح عَنْهُم، وشدد الْحر عَلَيْهِم، وَكَانُوا كَذَلِك أَيَّامًا، ثمَّ اضطرم عَلَيْهِم الْوَادي نَارا فهلكوا أَجْمَعِينَ. وَيُقَال: إِنَّهُم هَلَكُوا غما؛ وَهَذَا معنى قَوْله: ﴿فانتقمنا مِنْهُم﴾.
وَقَوله: ﴿وإنهما لبإمام مُبين﴾ أَي: بطرِيق وَاضح، وسمى الطَّرِيق إِمَامًا؛ لِأَنَّهُ يؤتم بِهِ وَتبع، وَالْكِنَايَة فِي قَوْله: ﴿وإنهما﴾ تَنْصَرِف إِلَى قَرْيَة قوم لوط وقرية أَصْحَاب الأيكة، وَهَذِه الْبِلَاد بَين الْحجاز وَالشَّام، وَقد كَانَت قُرَيْش يَمرونَ عَلَيْهَا فِي أسفارهم.

صفحة رقم 148
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية