آيات من القرآن الكريم

وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

وَ (حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) أَيْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ بِالْمُضِيِّ. وَلَمْ يُبَيِّنُوا لَهُ الْمَكَانَ الَّذِي يَقْصِدُهُ إِلَّا وَقْتَ الْخُرُوجِ، وَهُوَ مَدِينَةُ عَمُّورِيَّةُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَة هود.
[٦٦]
[سُورَة الْحجر (١٥) : آيَة ٦٦]
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦)
قَضَيْنا قَدَّرْنَا، وَضُمِّنَ مَعْنَى أَوْحَيْنَا فَعُدِّيَ بِ (إِلَى). وَالتَّقْدِيرُ: وَقَضَيْنَا ذَلِكَ الْأَمْرَ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى لُوطٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، أَيْ أَوْحَيْنَا إِلَيْهِ بِمَا قَضَيْنَا.
وذلِكَ الْأَمْرَ إِبْهَامٌ لِلتَّهْوِيلِ. وَالْإِشَارَةُ لِلتَّعْظِيمِ، أَيِ الْأَمْرُ الْعَظِيمُ.
وأَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ جُمْلَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِ ذلِكَ الْأَمْرَ وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِلْفِعْلِ الْمُضَمَّنِ وَهُوَ (أَوْحَيْنَا). فَصَارَ التَّقْدِيرُ: وَقَضَيْنَا الْأَمْرَ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ.
فَنُظِمَ الْكَلَامُ هَذَا النَّظْمَ الْبَدِيعَ الْوَافِرَ الْمَعْنَى بِمَا فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ الْأَمْرَ مِنَ الْإِبْهَامِ وَالتَّعْظِيمِ.
وَمَجِيءُ جُمْلَةِ دابِرَ مُفَسِّرَةٌ مَعَ صُلُوحِيَّةِ أَنَّ لِبَيَانِ كُلٍّ مِنْ إِبْهَامِ الْإِشَارَةِ وَمِنْ فِعْلِ (أَوْحَيْنَا) الْمُقَدَّرِ المضمن، فتم بذلك إِيجَازٌ بَدِيعٌ مُعْجِزٌ.
وَالدَّابِرُ: الْآخِرُ، أَيْ آخِرُ شَخْصٍ.
وَقَطْعُهُ: إِزَالَتُهُ. وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِئْصَالِهِمْ كُلِّهِمْ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٤٥].
وَإِشَارَةُ هؤُلاءِ إِلَى قَوْمِهِ.
ومُصْبِحِينَ دَاخِلِينَ فِي الصَّبَاحِ، أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ، وَهُوَ حَالٌ مِنَ اسْمِ الْإِشَارَةِ.
وَمَبْدَأُ الصَّبَاحِ وَقْتُ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَهُ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ

صفحة رقم 65
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية