آيات من القرآن الكريم

قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ

(قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته) مستأنفة كالتي قبلها، أي لا ينبغي لي ولا يصح مني ولا يليق بحالي؛ فاللام لتأكيد النفي جعل العلة لترك سجوده كون آدم بشراً مخلوقاً (من صلصال من حمأ مسنون) زعماً منه أنه مخلوق من عنصر نار، وهي أشرف من عنصر آدم عليه السلام وهو الطين المتغير المنتن لأنها نيرة والطين كثيف مظلم.

صفحة رقم 167

وفيه إشارة إجمالية إلى كونه خيراً منه وقد صرح بذلك في موضع آخر فقال (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) وقال في موضع آخر (أأسجد لمن خلقت طيناً) ولم يدر الخبيث أن الفضل فيما فضله الله تعالى، قال الكرخي: وحاصل كلامه أن كونه بشراً يشعر بكونه جسماً كثيفاً وهو كان روحانياً لطيفاً فكأنه يقول البشر الجسماني الكثيف أدوَن حالاً من الروحاني اللطيف فكيف يسجد الأعلى للأدنى.
وأيضاً فآدم مخلوق من صلصال تولد من حمأ مسنون، وهذا الأصل في غاية الدناءة وأصل إبليس هي النار وهي أشرف العناصر، فكان أصل إبليس أشرف من أصل آدم والأشرف يقبح أن يؤمر بالسجود للأدون، فهذا مجموع شبه إبليس فأجاب الله سبحانه عليه بقوله:

صفحة رقم 168
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
عدد الأجزاء
1