آيات من القرآن الكريم

وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ

لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ، سدت، أَبْصَرْنا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: سُحِرَتْ [١]، وَقَالَ قَتَادَةُ أُخِذَتْ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: عَمِيَتْ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «سُكِرَتْ» بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ: حُبِسَتْ وَمُنِعَتِ النَّظَرَ كَمَا يُسْكَرُ النَّهْرُ لِحَبْسِ الْمَاءِ، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ، أَيْ: عُمِلَ فِينَا السِّحْرُ فَسَحَرَنَا محمد.
قوله تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً، وَالْبُرُوجُ هِيَ النُّجُومُ الْكِبَارُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الظُّهُورِ، يُقَالُ:
تَبَرَّجَتِ الْمَرْأَةُ إذا [٢] ظَهَرَتْ، وَأَرَادَ بِهَا الْمَنَازِلَ الَّتِي تَنْزِلُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ السَّيَّارَةُ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا الْحَمَلُ وَالثَّوْرُ وَالْجَوْزَاءُ وَالسَّرَطَانُ وَالْأَسَدُ وَالسُّنْبُلَةُ وَالْمِيزَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالْقَوْسُ وَالْجَدْيُ وَالدَّلْوُ وَالْحُوتُ. وَقَالَ [٣] عَطِيَّةُ: هِيَ قُصُورٌ فِي السَّمَاءِ عَلَيْهَا الْحَرَسُ، وَزَيَّنَّاها، أَيِ: السَّمَاءَ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ. لِلنَّاظِرِينَ.
وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧)، مَرْجُومٍ. وَقِيلَ: مَلْعُونٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتِ الشَّيَاطِينُ لَا يحجبون عن السموات وَكَانُوا يَدْخَلُونَهَا، [وَيَأْتُونَ بِأَخْبَارِهَا فَيُلْقُونَ على الكهنة ما سمعوا] [٤] فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ منعوا من ثلاث سماوات فَلَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم منعوا من السموات [كلها] [٥] أَجْمَعَ فَمَا مِنْهُمْ مَنْ أَحَدٍ يُرِيدُ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ إِلَّا رُمِيَ بِشِهَابٍ فَلَمَّا مُنِعُوا مِنْ تِلْكَ الْمَقَاعِدِ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبْلِيسَ، فَقَالَ: لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ [٦]، قال: فبعثهم [ينظرون ما الخبر] [٧] فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فَقَالُوا هذا والله الحدث [٨].
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٨ الى ٢٢]
إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢)
إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ، لَكِنَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ، فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ، وَالشِّهَابُ الشُّعْلَةُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَيَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيُرْمَوْنَ بِالْكَوَاكِبِ فلا تخطىء أَبَدًا فَمِنْهُمْ مَنْ تَقْتُلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ تُحْرِقُ وَجْهَهُ [أَوْ جَنْبَهُ أَوْ يَدَهُ] [٩] أَوْ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَخْبِلُهُ فَيَصِيرُ غُولًا يُضِلُّ النَّاسَ فِي الْبَوَادِي.
«١٢٣٢» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [١٠] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف ثنا

١٢٣٢- إسناده صحيح على شرط البخاري، الحميدي هو عبد الله بن الزبير، سفيان هو ابن عيينة، عمرو هو ابن دينار، عكرمة هو أبو عبد الله مولى ابن عباس.
- رواه المصنف من طريق الحميدي، وهو في «مسنده» ١١٥١ عن سفيان بهذا الإسناد.
(١) في المخطوط «سجرت».
(٢) في المطبوع وط «أي». [.....]
(٣) زيد في المطبوع «ابن».
(٤) العبارة في المطبوع «ويأتون بأخبارها فيلقونها على الكهنة».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «حادث».
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) في المطبوع «حدث».
(٩) زيد في المطبوع وط.
(١٠) زيادة عن المخطوط.

صفحة رقم 52

محمد بن إسماعيل ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قالوا: الذي قَالَ الْحَقُّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَّفَهَا [١] وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَيَسْمَعُ [أَحَدُهُمُ] [٢] الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ».
«١٢٣٣» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [٣] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا محمد [حدثنا] [٤] ابن أبي مريم ثنا الليث ثنا ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ الَّذِي قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السمع فتسمعه فتوحي إِلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ».
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ شَاعِرٌ مِنَ الْعَرَبِ قَبْلَ زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ فِي بَدْءِ أَمْرِهِ وَكَانَ ذلك أساسا لنبوته.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ هَذَا الْحَيُّ مِنْ ثَقِيفٍ وإنهم جاؤوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ أَحَدُ بَنِي عِلَاجٍ وَكَانَ أَهْدَى [٥] الْعَرَبِ فَقَالُوا لَهُ: أَلَمْ تَرَ مَا حَدَثَ فِي السَّمَاءِ مِنَ الْقَذْفِ بِالنُّجُومِ؟ قَالَ: بَلَى فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَتُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ مِنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ لِمَا يُصْلِحُ النَّاسَ مِنْ مَعَايِشِهِمْ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا فَهِيَ وَاللَّهِ طي الدنيا وهلاك الخلق الذين [٦] فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا وهي ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا فَهَذَا الْأَمْرُ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْخَلْقِ.
قَالَ مَعْمَرٌ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: أَكَانَ يُرْمَى بِالنُّجُومِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى:
- وأخرجه البخاري ٤٨٠٠ من طريق الحميدي به.
- وأخرجه البخاري ٤٧٠١ و٧٤٨١ وأبو داود ٣٩٨٩ والترمذي ٣٢٢٣ وابن ماجه ١٩٤ وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٤٧ وابن حبان ٣٦ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٢٣٥- ٢٣٦ وابن مندة في «الإيمان» ٧٠٠ من طرق عن سفيان به.

١٢٣٣- إسناده صحيح على شرط البخاري، محمد هو ابن يحيى الذهلي، ابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم، ابن جعفر هو محمد.
- رواه المصنف من طريق البخاري، وهو في «صحيحه» ٣٢١٠ عن محمد بهذا الإسناد.
- وعلقه البخاري ٣٢٨٨ من طريق الأسود عن عروة به.
- وأخرجه البخاري ٥٧٦٢ و٦٢١٣ و٧٥٦١ ومسلم ٢٢٢٨ وعبد الرزاق ٢٠٣٤٧ وابن حبان ٦١٣٦ وأحمد ٦/ ٨٧ والبيهقي ٨/ ١٣٨ والبغوي في «شرح السنة» ٣١٥١ من طرق عن الزهري عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عروة عن عائشة بنحوه.
(١) تصحف في المطبوع «فحدقها».
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) في المخطوط «أدهى». [.....]
(٦) في المطبوع وط «الذي».

صفحة رقم 53

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ [الجن: ٩] الآية؟ قَالَ: غُلِّظَتْ [١] وَشُدِّدَ أَمْرُهَا حِينَ [٢] بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّ الرجم كان قبل مبعثه ولكن لم يكن فِي شِدَّةِ الْحِرَاسَةِ [٣] بَعْدَ مَبْعَثِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ النَّجْمَ يَنْقَضُّ فَيَرْمِي الشَّيَاطِينَ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مَكَانِهِ والله أعلم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها، بَسَطْنَاهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، يُقَالُ: إِنَّهَا مسيرة خمسمائة عام [٤] فِي مِثْلِهَا دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ. وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ، جِبَالًا ثَوَابِتَ، وَقَدْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَمِيدُ إِلَى أَنْ أَرْسَاهَا اللَّهُ بِالْجِبَالِ، وَأَنْبَتْنا فِيها، أي: [٥] الْأَرْضِ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ، بقدر معلوم.
وقيل: يعني الجبال وهي جواهرها [٦] مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهَا، حَتَّى [٧] الزَّرْنِيخِ وَالْكُحْلِ كُلُّ ذَلِكَ يُوزَنُ وَزْنًا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُوزَنُ [٨].
وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ، جَمْعُ مَعِيشَةٍ، قِيلَ: أَرَادَ بِهَا الْمَطَاعِمَ والمشارب والملابس. وقيل: مَا يَعِيشُ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ، [أي: جعلنا فيها معايش مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ] [٩] مِنَ الدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ، أَيْ: جَعَلْنَاهَا [١٠] لَكُمْ وكفيناكم رزقها ومَنْ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ [النُّورِ: ٤٥]، وَقِيلَ: مَنْ فِي مَوْضِعِهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ الْمَمَالِيكَ مَعَ الدَّوَابِّ. وَقِيلَ:
مَنْ فِي مَحَلِّ الْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي لكم.
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ، أَيْ: وَمَا مِنْ شَيْءٍ، إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ، أَيْ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِهِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ [١١] الْمَطَرَ، وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ، لِكُلِّ أَرْضٍ حَدٌّ مقدر، ويقال: ما تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ إِلَّا ومعها ملك يسوقها [إلى] [١٢] حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَشَاءُ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: فِي الْعَرْشِ مِثَالُ جَمِيعِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ.
وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ أَيْ: حَوَامِلَ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ الْمَاءَ إِلَى السَّحَابِ، وَهُوَ جَمْعُ لَاقِحَةٍ، يُقَالُ: نَاقَةٌ لَاقِحَةٌ إِذَا حَمَلَتِ الْوَلَدَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُرْسِلُ اللَّهُ الرِّيحَ فتحمل الماء فتمري [١٣] به السحاب فتدر كَمَا تَدِرُّ اللِّقْحَةُ ثُمَّ تُمْطِرُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَرَادَ بِاللَّوَاقِحِ الْمَلَاقِحَ وَاحِدَتُهَا مُلَقِّحَةٌ، لِأَنَّهَا تُلَقِّحُ الْأَشْجَارَ، قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: يَبْعَثُ اللَّهُ الرِّيحَ الْمُبَشِّرَةَ فَتَقُمُّ الْأَرْضَ قَمًّا ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُثِيرَةَ فَتُثِيرُ السَّحَابَ ثُمَّ يَبْعَثُ الله المؤلفة فتؤلف السَّحَابَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ فَتَجْعَلُهُ رُكَامًا، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّوَاقِحَ فَتُلَقِّحُ الشَّجَرَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: لَا تُقْطَرُ قَطْرَةٌ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْمَلَ الرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ فِيهِ، فَالصَّبَا تَهَيُّجُهُ وَالشَّمَالُ تَجْمَعُهُ وَالْجَنُوبُ تَذْرُهُ وَالدَّبُورُ تُفَرِّقُهُ، وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّ اللِّقْحَ رِيَاحُ الْجَنُوبِ. وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: ما هبت ريح

(١) في المطبوع «غلظ».
(٢) في المطبوع «حيث».
(٣) زيد في المطبوع «فصار شدة الحراسة والاهتمام بالرحم».
(٤) في المطبوع «سنة».
(٥) زيد في المطبوع «في».
(٦) في المطبوع «جواهر».
(٧) في المخطوط «من».
(٨) زيد في المطبوع وط، «وزنا» وليس في المخطوط والطبري ٢١٠٨٨.
(٩) زيد في المطبوع وط.
(١٠) في المطبوع وحده «جعلنا».
(١١) في المخطوط «بها».
(١٢) زيادة عن المخطوط.
(١٣) في المطبوع «فتمر» وفي المخطوط «فترمي» والمثبت عن تفسير الطبري ٢١٠٩٧ و٢١٠٩٨ و٢١٠٩٩. [.....]

صفحة رقم 54
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية