
٤- تقرير أن الذي يخلق الهداية هو الله وأما العبد فليس له أكثر من الكسب.
٥- فضيلة التذكير بالخير والشر ليشكر الله ويتقى.
٦- فضيلة الصبر والشكر.
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)
شرح الكلمات:
وإذ قال موسى: أي اذكر إذ قال موسى.
يسومونكم: يذيقونكم.
ويستحيون نساءكم: أي يستبقونهنَّ.

بلاء من ربكم عظيم: أي ابتلاء واختبار، ويكون بالخير والشر.
وإذ تأذن ربكم: أي أعلم ربكم.
بالبينات: بالحجج الواضحة على صدقهم في دعوة النبوة والتوحيد والبعث الآخر.
فردوا أيديهم في أفواههم: أي فرد الأمم أيديهم في أفواههم أي أشاروا إليهم أن اسكتوا.
مريب: موقع في الريبة.
معنى الآيات:
﴿وإذ قال موسى لقومه﴾ أي اذكر يا رسولنا إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل ﴿اذكروا نعمة الله عليكم﴾ أي لتشكروها بتوحيده وطاعته، فإن من ذكر شكر وبين لهم نوع النعمة وهي إنجاؤهم من فرعون وملائه إذ كانوا يعذبونهم بالاضطهاد والاستعباد، فقال: ﴿يسومونكم سوء العذاب﴾ أي يذيقونكم سوء العذاب وهو أسوأه وأشده، ﴿ويذبحون أبناءكم﴾ أي الأطفال المولودين، لأن الكهنة أو رجال السياسة قالوا لفرعون: لا يبعد أن يسقط عرشك وتزول دولتك على أيدي رجل من بني إسرائيل قامر بقتل المواليد فور ولادتهم فيقتلون الذكور ويستبقون الإناث للخدمة ولعدم الخوف منهن وهو معنى قوله: ﴿ويستحيون نساءكم﴾ وقوله تعالى: ﴿وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾ فهو بالنظر إلى كونه عذابا بلاء بالشر، وفي كونه نجاة منه، بلاء بالخير، وقوله تعالى: ﴿وإذ تأذن١ ربكم﴾ هذا من قول موسى لبني إسرائيل أي أذكر لهم إذ أعلم ربكم مقسماً لكم ﴿لئن شكرتم﴾ ٢ نعمي بعبادتي وتوحيدي فيها وطاعتي وطاعة رسولي بامتثال الأوامر واجتناب النواهي ﴿لأزيدنكم﴾ في الإنعام والإسعاد ﴿ولئن كفرتم﴾ فلم تشكروا نعمي فعصيتموني وعصيتم رسولي أي لأسلبنها منكم وأعذبكم بسلبها من أيديكم {إن عذابي
فلم نشعر بضوء الصبح حتى
سمعنا في مجالسنا الأذينا
٢ سئل بعض الصالحين عن الشكر لله تعالى فقال: ألاّ تتقوى بنعمه على معاصيه وحكي أن داود عليه السلام أنه قال: أي ربي كيف أشكرك وشكري لك نعمة متجددة منك عليّ؟ قال: "يا داود: الآن شكرتني"، وعيه فالشكر الاعتراف بالنعمة للمنعم ولا يصرفها في غير طاعته.

لشديد} فاحذروه واخشوني فيه، وقوله تعالى: ﴿وقال موسى﴾ أي لبني إسرائيل ﴿إن تكفروا أنتم﴾ نعم الله فلم تشكروها بطاعته ﴿ومن في الأرض جميعاً﴾ وكفرها من في الأرض جميعاً ﴿فإن الله لغني﴾ عن سائر خلقه لا يفتقر إلى أحد منهم١ ﴿حميد﴾ أي محمود بنعمه على سائر خلفه، وقوله: ﴿ألم يأتكم﴾ هذا قول موسى لقومه وهو يعظهم ويذكرهم: ﴿ألم يأتكم٢ نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم﴾ أي لا يعلم عددهم ولا يحصيهم٣ ﴿إلا الله﴾ ﴿جاءتهم رسلهم بالبينات﴾ أي بالحجج والبراهين على صدق دعوتهم وما جاء به من الدين الحق ليعبد الله وحده ويطاع وتطاع رسله فيكمل الناس بذلك ويسعدوا، وقوله: ﴿فردوا أيديهم﴾ أي ردت الأمم المرسل إليهم أيديهم إلى أفواههم تغيظاً على أنبيائهم وحنقاً، أو أشاروا إليهم بالسكوت فأسكتوهم رداً لدعوة الحق التي جاؤوا بها، وقالوا لهم: ﴿إنا كفرنا بما أرسلتم به﴾ أي بما جئتم به من الدين الإسلامي والدعوة إليه، ﴿وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب﴾ أي موقع في الريبة التي هي قلق النفس واضطرابها لعدم سكونها للخبر الذي يلقى إليها، هذا وما زال السياق طويلاً وينتهي بقوله تعالى: ﴿واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد﴾.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مشروعية التذكير بنعم الله لنشكر ولا نكفر.
٢- وعد الله تعالى بالمزيد من النعم لمن شكر نعم الله عليه.
٣- كفر النعم سبب زوالها.
٤- بيان غنى الله تعالى المطلق على سائر خلقه فالناس إن شكروا شكروا لأنفسهم وإن كفروا كفروا على أنفسهم أي شكرهم ككفرهم عائد على أنفسهم.
٥- التذكير بقصص السابقين وأحوال الغابرين مشروع وفيه فوائد عظيمة.
٢ صالح لأن يكون من قول موسى عليه السلام، ومن قول الله تعالى تعليماً لرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ ولا يعرف أنسابهم كذلك إلاّ الله وفي الحديث: " كذب النسابون إن الله يقول لا يعلمهم إلا الله" قاله لمّا زاد النسابون على معد بن عدنان، وقال: "لا ترفعوني فوق عدنان".