آيات من القرآن الكريم

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ

ونعلم أن طلب الغُفْران من المعصوم إيذانٌ بطلاقة قدرة الله في الكون، ذلك أن اختيار الحق سبحانه للرسول أيّ رسول لا يُعفى الرسول المختار من الحذَر وطلب المغفرة، وها هو سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «إني استغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة».
وطلب المغفرة من الله إن لم يَكُنْ لذنب كما في حال الرُّسل المعصومين فهو من الأدب مع الله؛ لأن الخالق سبحانه وتعالى يستحق منّا فوق ما كلَّفنا به، فإذا لم نقدر على المندوبات وعلى التطوّعات؛ فَلْندعُ الحق سبحانه أنْ يغفرَ لنا.
ومِنّا مَنْ لا يقدر على الفرائض؛ فليْدعُ الله أنْ يغفرَ له؛ ولذلك يُقال: «حسنات الأبرار سيئات المقربين».

صفحة رقم 7585

والحق سبحانه يقول لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [الفتح: ٢].
ولذلك أقول دائماً؛ إن الحق - جَلَّ جلالُ ذاته - يستحق أن يُعبَد بفوق ما كَلّف به؛ فإذا اقتصرنا على أداء ما كَلَّف به سبحانه؛ فكأننا لم نُؤدِّ كامل الشُّكْر؛ وما بالنا إذا كان مثل هذا الحال هو سلوك الرُّسل، خصوصاً وأن الحق سبحانه قد زادهم عن خَلْقه اصطفاءً؛ أفلا يزيدنه شُكْراً وطلباً للمغفرة؟
ونلحظ أن طلب المغفرة هنا قد شمل الوالدين والمؤمنين:
﴿رَبَّنَا اغفر لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحساب﴾ [إبراهيم: ٤١].
والإنسان كما نعلم له وجود أصليّ من آدم عليه السلام؛ وله وجود مباشر من أبويْه، وما دام الإنسان قد جاء إلى الدنيا بسبب من والديْه، وصار مؤمناً فهو يدعو لهما بالمغفرة، أو: أن الأُسْوة كانت منهما؛ لذلك يدعو لهما بالمغفرة.
والإنسان يدعو للمؤمنين بالمغفرة؛ لأنهم كانوا صُحْبة له وقُدْوة، وتواصى معهم وتواصوا معه بالحق والصبر، وكأن إبراهيم - عليه السلام - صاحب الدعاء يدعو للمؤمنين من ذريته؛ وتلك دعوة وشفاعة منه لمَنْ آمن؛ ويرجو الحقَّ سبحانه أنْ يتقبلها.

صفحة رقم 7586

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ... ﴾.

صفحة رقم 7587
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية