وَ (أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِلْمَثَلِ. وَقِيلَ: الْجُمْلَةُ خَبَرُ «مَثَلُ» عَلَى الْمَعْنَى. وَقِيلَ: «مَثَلُ» مُبْتَدَأٌ، أَوْ «أَعْمَالُهُمْ» خَبَرُهُ ; أَيْ مَثَلُهُمْ مَثَلُ أَعْمَالِهِمْ. وَ «كَرَمَادٍ» عَلَى هَذَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هِيَ كَرَمَادٍ.
وَقِيلَ: «أَعْمَالُهُمْ» بَدَلٌ مِنْ «مَثَلُ»، وَكَرَمَادٍ الْخَبَرُ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ، لَجَازَ إِبْدَالُ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الَّذِينَ، وَهُوَ بَدَلُ الِاشْتِمَالِ.
(فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) ; رِيحُهُ، ثُمَّ حُذِفَ الرِّيحُ، وَجُعِلَتِ الصِّفَةُ لِلْيَوْمِ مَجَازًا. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: فِي يَوْمٍ ذِي عُصُوفٍ ; فَهُوَ عَلَى النَّسَبِ، كَقَوْلِهِمْ: نَابِلٌ وَرَامِحٌ.
وَقُرِئَ «يَوْمِ عَاصِفٍ» بِالْإِضَافَةِ ; أَيْ يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ.
(لَا يَقْدِرُونَ) : مُسْتَأْنَفٌ.
قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ) : يُقْرَأُ شَاذًّا بِسُكُونِ الرَّاءِ فِي الْوَصْلِ عَلَى أَنَّهُ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْوَقْفِ.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ) : يُقْرَأُ عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي، وَ (خَالِقٌ) عَلَى فَاعِلٍ، وَهُوَ لِلْمَاضِي، فَيَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَبَعًا) : إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ جَمْعَ تَابِعٍ، مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمٍ، وَغَائِبٍ وَغَيَبٍ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مَصْدَرَ تَبِعَ ; فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ فِي مَوْضِعِ اسْمِ الْفَاعِلِ، أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: ذَوِي تَبَعٍ.
(مِنْ عَذَابِ اللَّهِ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ; لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ لِشَيْءٍ ; تَقْدِيرُهُ: مِنْ شَيْءٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَمِنْ زَائِدَةٌ ; أَيْ شَيْئًا كَائِنًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَيَكُونُ الْفِعْلُ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى ; تَقْدِيرُهُ: هَلْ تَمْنَعُونَ عَنَّا شَيْئًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «شَيْءٍ» وَاقِعًا مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ ; أَيْ عَنَاءٍ ; فَيَكُونُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مُتَعَلِّقًا بِمُغْنُونَ.
(سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا) : قَدْ ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّ دُعَاءَهُ لَمْ يَكُنْ سُلْطَانًا ; أَيْ حُجَّةً.
(بِمُصْرِخِيَّ) : الْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ الْيَاءِ، وَهُوَ جَمْعُ مُصْرِخٍ، فَالْيَاءُ الْأُولَى يَاءُ الْجَمْعِ، وَالثَّانِيَةُ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ، وَفُتِحَتْ لِئَلَّا تَجْتَمِعَ الْكَسْرَةُ وَالْيَاءُ بَعْدَ كَسْرَتَيْنِ.
وَيُقْرَأُ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الثِّقَلِ، وَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كُسِرَ عَلَى الْأَصْلِ.