آيات من القرآن الكريم

وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ
ﭡﭢﭣﭤﭥ

(وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)
أن ليس ذلك الإنشاء الثاني بعزيز، أي متعذر أو متعسر عليه سبحانه، فهو سبحانه وتعالى قادر بذاته، لَا يختص بابتداء ولا إنشاء من جديد، فالقدرة ثابتة، ومتى يثبت لَا يعز شيء عليه ولا صعب.
وفى هذا الكلام بيان أن اللَّه سبحانه وتعالى قادر على الإعادة، لأنه قادر على الإنشاء من جديد، كما قال سبحانه: (إِن يَشَا يُذْهِبْكُمْ ويَأتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ).
وكما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣).
وكما قال تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
وإن الآية تفيد بإشارتها ترهيب المشركين بأنهم لَا يعجزون اللَّه، فإنه يستطيع إهلاكهم، وخلق غيرهم.
وإنهم في قبضة اللَّه في الدنيا، وجزاؤهم عنده في الآخرة، وهو يتولى الجزاء بالإحسان لمن أحسن وبالعذاب لمن عصى.
* * *
ما بين التابع والمتبوع والشيطان
قال اللَّه تعالى:
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ

صفحة رقم 4013

مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢)
* * *
هاتان الآيتان تصوران المجاوبة التي تكون بين العصاة وأولهم الشيطان الذي أقسم ليغوين الناس إلا عباد اللَّه المخلصين، والطبقة التي استغواها ابتداء المتبوعون من ذوي الاستكبار والاستعلاء على الناس بالجاه الدنيوي والمال والعزة، وهؤلاء يؤثرون في عرهم فتكون الطبقة التابعة والإمَعات (١) الطائعة.
صور اللَّه سبحانه أقوال التابعين للمتبوعين وابتداء منِ الدنيا في العصيان إلى من أخذوهم إلى الضلال، فقال تعالى:
________
(١) جمع إمعة: وهو من يقلد غيره في قوله أو فعله.

صفحة رقم 4014
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية