آيات من القرآن الكريم

وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
ﮣﮤﮥﮦﮧ

و «استفتح» تعني طلب الفتح، وهناك فتح، واستفتح. وكلمة «فتح» تدل على أن شيئاً مُغْلقاً ينفتح، ومرّة يكون المقصود بالكلمة أمراً حسياً؛ وأحياناً يكون الأمر معنوياً، ومرة ثالثة يكون الفتح بمعنى الفصْل والحُكْم.
والمثل على الأمر الحِسيّ قول الحق سبحانه: ﴿وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ... ﴾ [يوسف: ٦٥].
ومرَّة يكون الفَتْح معنوياً؛ وبمعنى سابقة الخير والعلم، كقول الحق سبحانه: ﴿وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ قالوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ... ﴾ [البقرة: ٧٦].

صفحة رقم 7461

وكذلك قول الحق سبحانه: ﴿مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ... ﴾ [فاطر: ٢].
أما المَثل على الفَتْح بمعنى الفَصْل في الأمر، فالمثل هو قول الحق سبحانه:
﴿رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين﴾ [الأعراف: ٨٩]
وهكذا نجد للفتْح معاني متعددة، وكلها تدور حول المغاليق هي تٌفَضّ، ويُطلَق الفتح آخر الأمر على النصر، والمثل هو قول الحق سبحانه: ﴿إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح﴾ [النصر: ١].
وهنا يقول الحق سبحانه:
﴿واستفتحوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٥].
وهم طلبوا الفتح بمعنى طلبوا النصر، وكانت تلك خيبةً من الكفار؛ فَهُمْ طلبوا الفتح أي النصر؛ وهم قد فعلوا ذلك مظنّة أن عندهم ما ينصرهم.
وكيف ينصرهم الله وهم كافرون؟
لذلك يُخيِّب الله ظنهم ويحكم عليهم بمصير كل مَنْ عاش جباراً في الأرض، متكبراً عن عبادة ربه.

صفحة رقم 7462

ويقول سبحانه:
﴿وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٥].
والجبار هو مَنْ يقهر الناس على ما يريده؛ والمقصود هنا هم المُتكبِّرون عن عبادة الحق سبحانه وتعالى، ويعاندون في مسألة الإيمان به سبحانه.
وماذا ينتظرهم من بعد ذلك؟
يقول الحق سبحانه: ﴿مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ... ﴾.

صفحة رقم 7463
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية