
مقاتل (١)، وقال أبو إسحاق (٢): أي إذا ذكروا الله وحده آمنوا به غير شاكين، بخلاف من وصف بقوله: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ [الزمر: ٤٥].
وقوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ قال ابن عباس (٣) وغيره: يريد قلوب المؤمنين، قال الزجاج (٤): لأن الكافر غير مطمئن القلب، وذكرنا الجمع بين هذه الآية وبين قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ في سورة الأنفال [٢].
٢٩ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ﴾ روى معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "طُوبَى شجرةٌ غرسها الله بيده تنبت العلي والحلل، وإن أغصانها لتُرى من وراء سور الجنة" (٥) فعلى هذا طوبى اسم تلك الشجرة، وهو قول أبي هريرة (٦)، ومغيث بن سمي (٧)
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٧. بنحوه.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٣٢٧، القرطبي ٩/ ٣١٥.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٨.
(٥) أخرجه الطبري ١٣/ ١٤٩ وعلق عليه أحمد شاكر بقوله: وهذا خبر هالك الإسناد. وحسبه ما فيه من أمر (محمد بن زياد) ولم أجده عند غير الطبري، قلت: وقد ترجم لمحمد بن زياد بقوله: كذاب خبيث يضع الحديث اهـ. وأخرجه ابن مرديه عن ابن عباس مرفوعاً كما في "الدر" ٤/ ١١١.
(٦) الطبري ١٣/ ١٤٧، وعبد الرزاق ٢/ ٣٣٦، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" ٤/ ٦٣٤، والثعلبي ٧/ ١٣٥ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٣٢٧.
(٧) الطبري ١٣/ ١٤٧ - ١٤٨ - ١٤٩، والثعلبي ٧/ ١٣٥ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٣٢٨، وأبن أبي شيبة ٨/ ٦٩.

وعبيد بن عمير (١) ومقاتل (٢) ووهب (٣) وأبي صالح (٤) وعكرمة (٥) وابن عباس (٦) في رواية عطاء والكلبي (٧)، كل هؤلاء قالوا: إنها شجرة في الجنة، ووَصَفَ كلٌّ منها صفةً يطول ذكرها.
وقال أبو عبيدة (٨) والزجاج (٩) وأهل اللغة (١٠): (طوبى) فعلى من الطيب.
قال ابن الأنباري (١١): يعني أن تأويلها: الحال المستطابة لهم، وأصلها: (طيبى) فصارت الياء واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، كما تقول في: موسر وموقن، قال: وهذه الكلمة غير مبنية على (أفعل) كالأولى والكبرى، ولذلك جاز إفرادها من الألف واللام ومن الإضافة نحو: سعدى
(٢) "تفسير مقاتل" ١٩١ أ، الثعلبي ٧/ ١٣٥ أ.
(٣) الطبري ١٣/ ١٤٨، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ١١٣وابن أبي حاتم كما في "الدر" ٤/ ١١٤، والثعلبي ٧/ ١٣٥ ب.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٦٩، وانظر: "الدر" ٤/ ١١٥، والثعلبي ٧/ ١٣٦ ب، و"زاد المسير" ٤/ ٣٢٨.
(٥) روى الطبري ١٣/ ١٤٦ عن عكرمة: (طوبى لهم): نعم ما لهم. وأخرجه ابن أبي شيبة هناد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ١١١، وروى عنه أيضًا ٤/ ١١١، (طوبى لهم) قال: الجنة. وانظر: "زاد المسير" ٤/ ٣٢٨، القرطبي ٩/ ٣١٦.
(٦) الطبري ١٣/ ١٤٧، و"تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٣٠٨.
(٧) "تنوير المقباس" ص ١٥٨، الثعلبي ٧/ ١٣٦ ب.
(٨) لم أجده في "مجاز القرآن" ١/ ٣٣٠.
(٩) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٨.
(١٠) "تهذيب اللغة" (طاب) ٣/ ٢١٤٧، و"اللسان" (طيب) ٥/ ٢٧٣٢.
(١١) "زاد المسير" ٤/ ٣٢٨.

وقربى وزلفى، وعلى هذا معنى طوبى في اللغة: الغبطة وبلوغ أقصى الأمنية والسؤل، وأنشد (١):
وطُوبَى لمن يَسْتَبدلُ الطَّوْدَ بالقُرَى | ورِسْلًا بيَقْطِينِ العِرَاقِ وفُومِهَا |
قال أبو بكر (٤): (طوباك) مما (٥) يلحن فيه العوام، والصواب: طوبى لك، وهذا الذي ذكرنا من قول أهل اللغة مذهب جماعة من المفسرين.
قال ابن عباس (٦) في رواية الوالبي: (طوبى لهم): فرح وقرة أعين، وروى معمر عن قتادة (٧) قال: طوبى كلمة عربية، تقول العرب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا، أي أصبت خيرًا، وقال عكرمة (٨): (طوبى لهم) نعمى لهم.
(٢) في (ح): (ممن).
(٣) "تهذيب اللغة" (طاب) ٣/ ٢١٤٧.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٥٩٧.
(٥) "اللسان" (طيب) ٥/ ٢٧٣٢، و"الزاهر" ١/ ٥٥٧.
(٦) الطبري ١٣/ ١٤٦، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ١١٠ - ١١١.
(٧) الطبري ١٣/ ١٤٦.
(٨) "زاد المسير" ٤/ ٣٢٨، القرطبي ٩/ ٣١٦.