
وقضائه فهو عام في الجميع: من شاء منهم ومن أبى، ويكون طوعا لمن أسلم وكرها لمن كره وسخط، وإن جعلنا السجود هو المعروف بالجسد، فيكون لسجود الملائكة والمؤمنين من الإنس والجن طوعا، وأما الكره فهو سجود المنافق وسجود ظل الكافر وَظِلالُهُمْ معطوف على من والمعنى أن الظلال تسجد غدوة وعشية، وسجودها انقيادها للتصرف بمشيئة الله سبحانه وتعالى
قُلِ اللَّهُ جواب عن السؤال المتقدم، وهو من رب السموات والأرض، وإنما جاء الجواب والسؤال من جهة واحدة، لأنه أمر واضح لا يمكن جحده ولا المخالفة فيه، ولذلك أقام به الحجة على المشركين بقوله: أفاتخذتم من دونه أولياء.
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ الأعمى تمثيل للكافر، والبصير تمثيل للمؤمن الظُّلُماتُ الكفر وَالنُّورُ الإيمان، وذلك كله على وجه التشبيه والتمثيل أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ أم هنا بمعنى بل والهمزة، وخلقوا صفة لشركاء والمعنى: أن الله وقفهم [سألهم] هل خلق شركاؤهم خلقا كخلق الله، فحملهم ذلك واشتباهه بما خلق الله على أن جعلوا إلها غير الله؟ ثم أبطل ذلك بقوله: قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فحصل الردّ عليهم أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها الآية: هذا مثل ضربه الله للحق وأهله والباطل وحزبه، فمثل الحق وأهله بالماء الذي ينزل من السماء فتسيل به الأودية، وينتفع به أهل الأرض، وبالذهب والفضة والحديد والصفر [النحاس] وغيرها من المعادن التي ينتفع بها الناس، وشبه الباطل في سرعة اضمحلاله وزواله بالزبد الذي يربى به السيل ويريد تلك المعادن التي يطفو فوقها إذا أذيبت، وليس في الزبد منفعة، وليس له دوام بِقَدَرِها يحتمل أن يريد ما قدر لها من الماء، ويحتمل أن يريد بقدر ما تحتمله على قدر صغرها وكبرها زَبَداً رابِياً الزبد ما يحمله السيل من غثاء ونحوه، والرابي المنتفخ الذي ربا ومنه الربوة وَمِمَّا يُوقِدُونَ المجرور في موضع خبر المقدم، والمبتدأ زبد مثله: أي ينشأ من الأشياء التي يوقد عليها زبد السيل ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ الذي يوقد عليه ابتغاء الحلي: هو الذهب والفضة، والذي يوقد عليه ابتغاء متاع هو الحديد والرصاص والنحاس والصفر وشبه ذلك، والمتاع ما يستمتع الناس به في مرافقهم وحوائجهم يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ أي يضرب أمثال الحق والباطل جُفاءً يجفاه السيل، أي يرمي به وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ يريد الخالص من الماء ومن تلك الأحجار
لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى الذين استجابوا هم المؤمنون، وهذا استئناف كلام،

والحسنى: الجنة، وإعرابها مبتدأ وخبرها: للذين استجابوا، والذين استجابوا مبتدأ وخبره لو أن لهم ما في الأرض الآية فيوقف على الأمثال، وعلى الحسنى، وقيل: للذين استجابوا يتعلق بيضرب، والحسنى مصدر من معنى استجابوا: أي استجابوا الاستجابة الحسنى، والذين لم يستجيبوا معطوف على الذين استجابوا، والمعنى: يضرب الله الأمثال للطائفتين، وعلى هذا إنما يوقف على: والذين لم يستجيبوا له سُوءُ الْحِسابِ أي المناقشة والاستقصاء.
أَفَمَنْ يَعْلَمُ تقرير. والمعنى أسواء من آمن ومن لم يؤمن، والأعمى هنا من لم يؤمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم «وقيل: إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وأبي جهل لعنه الله يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ القرابات وغيرها وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ قيل يدفعون الشرك بقول لا إله إلا الله، وقيل: يدفعون من أساء إليهم بالتي هي أحسن، والأظهر يفعلون الحسنات فيدرءون بها السيئات كقوله: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود:
١١٤]، وقيل: إن هذه الآية نزلت في الأنصار، ثم هي عامة في كل مؤمن اتصف بهذه الصفات عُقْبَى الدَّارِ يعني الجنة، ويحتمل أن يريد بالدار: الآخرة وأضاف العقبى إليها لأنها فيها، ويحتمل أن يريد بالدار الدنيا، وأضاف العقبى إليها لأنها عاقبتها جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من عقبى الدار، أو خبر ابتداء مضمر تفسيرا لعقبى الدار وَمَنْ صَلَحَ أي من كان صالحا سَلامٌ عَلَيْكُمْ أي يقولون لهم: سلام عليكم بِما صَبَرْتُمْ يتعلق بمحذوف تقديره: هذا بما صبرتم ويجوز أن يتعلق بسلام أي ليسلم عليكم بما صبرتم وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ إلى آخر الآية أوصاف مضافة كما تقدم وقيل: إنها في الخوارج، والأظهر أنها في الكفار سُوءُ الدَّارِ يحتمل أن يراد بها الدنيا والآخرة اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أي يوسع على ما من يشاء، ويضيق على من يشاء، وهذا تفسيره حيث وقع وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا إخبار في ضمنه ذم وتسفيه لمن فرح بالدنيا، لذلك حقرها بقوله: وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع أي: قليل بالنظر إلى الآخرة قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ خرج به مخرج