آيات من القرآن الكريم

اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى وَضَعَ التَّاجَ عَنْ رَأْسِهِ، وَكَانَ لَهُ فِي قَرْنِهِ عَلَامَةٌ وَكَانَ لِيَعْقُوبَ مِثْلُهَا وَلِإِسْحَاقَ مِثْلُهَا وَلِسَارَةَ مِثْلُهَا شِبْهُ الشَّامَةِ، فَعَرَفُوهُ فَقَالُوا: أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ.
وَقِيلَ: قَالُوهُ عَلَى التَّوَهُّمِ حَتَّى، ﴿قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي﴾ (١)، بِنْيَامِينُ، ﴿قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَنَا.
﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ﴾ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، ﴿وَيَصْبِرْ﴾ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَّقِي الزنى وَيَصْبِرُ عَنِ الْعُزُوبَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَّقِي الْمَعْصِيَةَ وَيَصْبِرُ عَلَى السِّجْنِ، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
﴿قَالُوا تَاللَّهَ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (٩١) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣) ﴾.
﴿قَالُوا﴾ مُعْتَذِرِينَ، ﴿تَاللَّهَ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ أَيِ: اخْتَارَكَ اللَّهُ وَفَضَّلَكَ عَلَيْنَا، ﴿وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ أَيْ: وَمَا كُنَّا فِي صَنِيعِنَا بِكَ إِلَّا مُخْطِئِينَ مُذْنِبِينَ. يُقَالُ: خَطِئَ خِطْئاً إِذَا تَعَمَّدَ، وَأَخْطَأَ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ (٢).
﴿قَالَ﴾ يُوسُفُ وَكَانَ حَلِيمًا، ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ لَا تَعْيِيرَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، وَلَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ، ﴿يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
فَلَمَّا عَرَّفَهُمْ يُوسُفُ نَفْسَهُ سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَبِي بَعْدِي؟ قَالُوا: ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَأَعْطَاهُمْ قَمِيصَهُ، وَقَالَ:
﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا﴾ أَيْ: يَعُدْ مُبْصِرًا. وَقِيلَ: يَأْتِينِي بَصِيرًا لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ دَعَاهُ.

(١) راجع في هذه الأقوال: زاد المسير: ١٤ / ٢٨١.
(٢) قال الراغب الأصفهاني في كتابه "المفردات في غريب القرآن" ص (١٥١) :"الخطأ: العدول عن الجهة، وذلك أَضْرُبٌ: أحدها: أن يريد غير ما تَحْسُن إرادته، فيفعله، وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان، يقال: خَطِئَ يَخْطَأ خِطْئًا وخِطأَة، قال تعالى: (وإن كنا لخاطئين). والثاني: أن يريد ما يَحْسُن فعله، لكن يقع منه خلاف ما يريد، فيقال: أَخْطَأَ إِخْطَاءً فهو مُخْطِئٌ. وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل، وهو المعنيّ بقوله عليه الصلاة والسلام: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان).. والثالث: أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ في الإرادة ومصيب في الفعل، فهو مذموم بقصده، وغير محمود على فعله... ". وانظر: تفسير الطبري: ٢ / ١١٠، ٦ / ١٣٤، ١٦ / ٢٤٥.

صفحة رقم 274
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية