
وروي أن يهودا قال ليوسف: يا أيها الملك! إن لم تخلِّ سبيله معنا لأصيحَنَّ صيحةً لا يبقى في مدينتك حامل، إلا أسقطت ما في بطنها. وكان ذلك في ولد يعقوب عند الغضب معروفاً. فكلَّم يوسف ابناً له صغيراً بالقبطية فقال له: ضع يديك بين كتفي يهوذا، ولا يشعر بك أحد، وكان الناس مجتمعين، فخل الصبي بين الناس حتى وضع يده بين كتفي يهوذا، فذهب غضبه، فقال يهوذا: لقد مسني من ولد يعقوب، ولم ير أحداً.
قوله: ﴿ارجعوا إلى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ (يا أبانا)﴾ - إلى قوله - ﴿إِنَّهُ هُوَ العليم الحكيم﴾ هذا قول روبيل لإخوته، أمرهم بالرجوع إلى يعقوب، يعلموه

بالقصة على وجهها.
وقيل: أمر لهم بذلك يوسف: وقيل: هو كبيرهم الذي تأخر بمصر، ولم يرجع معهم.
وروي عن الكسائي أنه قرأ " سُرق " على ن لم يُسَمْ فاعله، على معنى اتهم بالسرق. وقيل: معناه: علم منه السرق.
قوله: ﴿وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾: أي: ما قلنا إلا بظاهر العلم، ولسنا نَعْلَمُ الغيب والباطن، إنما وجدت السرقة في رحله، ونحن ننظر.
وقيل المعنى: وما شهدنا عند يوسف أن السارق يؤخذ في سرقته، ﴿إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾ (في الحكم عندك) قاله ابن زيد.

قال لهم يعقوب، ما يُدري، هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته، إلا بقولكم فقالوا: ﴿وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾ في الحكم عندك وعندنا.
﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾: أي: ما كنا نظن أن ابنك يسرق، فيؤول أمره إلى هذا، وإنما قلنا لك نحفظ أخانا مما إلى حفظه السبيل.
﴿وَسْئَلِ القرية التي كُنَّا فِيهَا﴾ إن اتهمنا: وهي مصر، يريدون أهلها. ﴿والعير التي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾: وهي القافلة عن خبر ابنك.
قال لهم يعقوب: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾: على ما نالني.
وقيل: المعنى: " فصبر جميل: أولى من جزع لا ينفع. والصبر الجميل هو الذي لا شكو (ى) معه إلا إلى الله تعالى.