
من هداية الآيات:
١- بيان فضل العلم وأهله.
٢- تقرير حقيقة وهي أن أكثر الناس لا يعلمون.
٣- حسن تدبير يوسف للإبقاء على أخيه معه بعد ذهاب إخوته.
٤- مشروعية إعطاء المكافآت لمن يقوم بعمل معين وهي الجعالة في الفقه.
٥- مشروعية الكفالة والكفيل غارم.
قَالُواْ تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (٧٣) قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ (٧٤) قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)
شرح الكلمات:
تالله: أي والله.
لنفسد في الأرض: أي بارتكاب المعاصي وغشيان الذنوب.
وما كنا سارقين: أي لم نسرق الصوامع كما أنا لم نسرق من قبل متاع أحد.
من وجد في رحله فهو جزاؤه: أي يأخذ بالسرقة رقيقاً.
كذلك نجزي الظالمين: أي في شريعتنا.

في وعاء أخيه: أي في وعاء أخيه الموجود في رحله.
كذلك كدنا ليوسف: أي يسرنا له هذا الكيد الذي توصل به إلى أمر محمود.
في دين الملك: أي في شرعه إذ كان يضرب السارق ويغرم بمثل ما سرق.
نرفع درجات من نشاء: أي كما رفع يوسف عليه السلام.
معنى الآيات:.
ما زال السياق في الحديث عن يوسف وإخوته، إنه لما أعلن عن سرقة صواع الملك وأوقفت القافلة للتفتيش، وأعلن عن الجائزة لمن يأتي بالصواع وأنها مضمونة هنا قال إخوة يوسف ما أخبر تعالى به عنهم: ﴿قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض﴾ أي بالسرقة وغشيان الذنوب وإنما جئنا للميرة١ ﴿وما كنا سارقين٢﴾ أي في يوم من الأيام. وهنا قال رجال الملك رداً على مقالتهم بما أخبر تعالى به: ﴿قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين﴾ فأجاب الإخوة بما أخبر تعالى عنهم بقوله: ﴿قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه﴾ يريدون أن السارق يُسترق أي يملك بالسرقة وقوله ﴿كذلك نجزي الظالمين﴾ أي في شريعتنا. وهنا أخذ يوسف بنفسه يفتش أوعية إخوته بحثاً عن الصواع، وبدأ بأوعيتهم واحداً بعد واحد وآخر وعاء وعاء أخيه بنيامين دفعاً للتهمة والتواطؤ في القضية، حتى استخرجها من وعاء أخيه الذي كان في رحله، هذا ما دل عليه قوله تعالى: ﴿فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها٣ من وعاء أخيه﴾ وقوله تعالى: ﴿كذلك كدنا ليوسف﴾ أي هكذا يسرنا٤ له هذا الكيد الذي توصل به إلى أمر محمود غير مذموم. وقوله تعالى: ﴿ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك﴾ أي لم يكن في شرع مصر أن يأخذ أخاه عبداً بالسرقة بل السارق يضرب ويغرم فقط، ﴿إلا أن يشاء الله﴾ أمراً فإنه يكون. وقوله
٢ إذ لو كانوا سارقين ما ردّوا البضاعة التي وضعت لهم في رحالهم من أجل أن يرجعوا إلى مصر، فمن ردّ بضاعة بعد ما تمكن منها لا يكون سارقاً.
٣ الوعاء: ما يحفظ فيه الشيء، وتُضمّ واوه وتكسر، والكسر أشهر قيل لمّا استخرج السقاية من وعاء بنيامين طأطأوا رؤوسهم حياءً، وقالوا لأخيهم بنيامين: ويلك يا بنيامين ما رأينا كاليوم قط.
٤ قالت العلماء: يجوز للرجل أن يتصرف في ماله بالبيع والشراء والهبة والعطاء قبل حلول حول الزكاة ما لم ينو الفرار من الزكاة فإن حال الحول فلا يصح شيء إلا بعد إخراج الزكاة.

تعالى: ﴿نرفع درجات من نشاء١﴾ أي في العلم كما رفعنا يوسف ﴿وفوق كل ذي علم﴾ ٢ من الناس ﴿عليم﴾ إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى فهو العليم الذي لا أعلم منه بل العلم كله له ومنه ولولاه لما علم أحد شيئاً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- جواز الحلف بالله تعالى للحاجة.
٢- مشروعية دفع التهمة عن النفس البريئة.
٣- معرفة حكم السرقة في شرعة يعقوب عليه السلام.
٤- بيان حسن تدبير الله تعالى لأوليائه.
٥- بيان حكم السرقة في القانون المصري على عهد يوسف عليه السلام.
٦- علوّ مقام يوسف عليه السلام في العلم.
٧- تقرير قاعدة ﴿وفوق كل ذي علم عليم﴾ إلى أن يبتهي العلم إلى الله تعالى.
قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ (٧٧) قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨) قَالَ مَعَاذَ اللهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ (٧٩)
٢ قال ابن عباس رضي الله عنهما يكون ذا أعلم من ذا، وذا أعلم من ذا، والله فوق كل عليم وقرأ الجمهور: ﴿درجات من نشاء﴾ بإضافة درجات إلى مَنْ وقرأ حفص ﴿درجات﴾ بالتنوين تمييز لتعلق فعل نرفع بمفعوله وهو: ﴿من نشاء﴾.