آيات من القرآن الكريم

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ

قَوْله تَعَالَى: ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قبل وعَاء أَخِيه ثمَّ استخرجها من وعَاء أَخِيه﴾ رُوِيَ أَن الْمُؤَذّن فتش عَن أوعيتهم، وَرُوِيَ أَنه رد جَمَاعَتهمْ إِلَى يُوسُف - عَلَيْهِ السَّلَام -

صفحة رقم 51

﴿وعَاء أَخِيه كَذَلِك كدنا ليوسف مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك إِلَّا أَن يَشَاء الله نرفع دَرَجَات من نشَاء وَفَوق كل ذِي علم عليم (٧٦) قَالُوا إِن يسرق﴾ فَأمر بتفتيش أوعيتهم بَين يَدَيْهِ. وَفِي الْقِصَّة: أَن ذَلِك الرجل كَانَ كلما فتش وعَاء وَلم يجد الصَّاع اسْتغْفر الله وَأظْهر التَّوْبَة فَلَمَّا بَقِي رَحل بنيامين قَالَ: مَا أَظن أَن هَذَا أَخذ شَيْئا قَالُوا: وَالله لَا نَتْرُكك حَتَّى تفتش وعاءه فتطيب أَنْفُسنَا ونفسك، ففتش وعاءه واستخرج الصَّاع فبقوا منكسرين مستحيين ونكسوا رُءُوسهم خجلا وَقَالُوا لبنيامين: مَا هَذَا يَا ابْن راحيل؟ ﴿فَقَالَ: وَالله مَا سرقت، فَقَالُوا: كَيفَ وَقد وجد الصَّاع فِي رحلك؟﴾ فَقَالَ: وضع الصَّاع فِي رحلي من وضع البضاعة فِي رحالكُمْ. قَالَ: وَأخذُوا بنيامين رَقِيقا عبدا. وَفِي الْقِصَّة: أَن ذَلِك الرجل أَخذ بِرَقَبَتِهِ ورده إِلَى يُوسُف كَمَا يرد السراق. وَقَوله: ﴿كَذَلِك كدنا ليوسف﴾ مَعْنَاهُ: دبرنا ليوسف، وَقيل: صنعنَا ليوسف. وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أردنَا ليوسف؛ وَأنْشد قَول الشَّاعِر

(كَادَت وكدت وَذَاكَ خير إِرَادَة لَو عَاد من لَهو الصبابة مَا مضى)
فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: ﴿كَذَلِك﴾ وأيش هَذِه الْكَاف، وَالْكَاف للتشبيه؟ الْجَواب عَنهُ: أَن هَذَا منصرف إِلَى قَول يَعْقُوب فِي أول السُّورَة: ﴿فيكيدوا لَك كيدا﴾ وَكَانَ كيدهم: أَنهم أَخَذُوهُ من أَبِيه بحيلة وألقوه فِي الْجب فَقَالَ الله تَعَالَى: كَمَا كَادُوا فِي أَمر يُوسُف: ﴿كدنا ليوسف﴾ فِي أَمرهم؛ والكيد من الْخلق هُوَ: الْحِيلَة، وَمن الله: التَّدْبِير بِالْحَقِّ. وَقَوله: ﴿مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك﴾ مَعْنَاهُ: مَا كَانَ يُوسُف ليجازي أَخَاهُ فِي حكم الْملك، وَقيل: فِي عَادَة الْملك. قَالَ الشَّاعِر:
(أَقُول وَقد درأت لَهَا وضيني أَهَذا دينه أبدا وديني)
و" مَا " هَاهُنَا للنَّفْي. وَقَوله: ﴿إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ مَعْنَاهُ: إِلَّا بِمَشِيئَة الله يَعْنِي: فعل مَا فعل بِمَشِيئَة الله تَعَالَى. وَقَوله: ﴿نرفع دَرَجَات من نشَاء﴾ قَالَ هَذَا فِي هَذَا الْموضع؛ لِأَنَّهُ رفع دَرَجَة يُوسُف على درجتهم فِي الْعلم وَالْملك وَالْعقل وَغَيره. وَقيل:

صفحة رقم 52

﴿فقد سرق أَخ لَهُ من قبل فأسرها يُوسُف فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُم قَالَ أَنْتُم شَرّ مَكَانا وَالله أعلم بِمَا تصفون (٧٧) قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز إِن لَهُ أَبَا شَيخا كَبِيرا﴾ نرفع دَرَجَات من نشَاء بالتوفيق والعصمة. وَقَوله: ﴿وَفَوق كل ذِي علم عليم﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَفَوق كل عَالم عَالم إِلَى أَن يَنْتَهِي الْعلم إِلَى الله. وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: وَفَوق كل عَالم عليم ".

صفحة رقم 53
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية