
٧١ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا﴾ هو يعني أصحاب العير وهم إخوة يوسف ﴿وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ﴾ قال ابن عباس (١): يريد أقبل هذه الرفقة على غلمان يوسف. فعلى هذا المعنى قال إخوة يوسف، وقد أقبلوا على المؤذن ومن معه، والمؤذن كان معه قوم يقولون بقوله ويصححون دعواه. قاله أبو بكر (٢) قال: ويجوز أن يكون المعنى: قال إخوة يوسف وقد أقبل المنادي ومن معه بالدعوى والمطالبة؛ لأنه قد تقدم ذكر الفريقين، وصلح صَرْف الإقبال إلى كل فريق منهما.
٧٢ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾ قال أبو إسحاق (٣): الصواع هو الصاع بعينه، وهو يذكر ويؤنث وهو السقاية وكذلك الصاع أيضًا يذكر ويؤنث والدليل على أنهما بمعنًى، قراءة (٤) أبي هريرة ﴿قالوا نفقد صاع الملك﴾ وزاد الفراء (٥) فمن أنثه قال: ثلاث أصوع، مثل ثلاث أدؤر [ومن ذكّره] (٦) قال: أصواع، مثل أثواب. وقال الحسن (٧): الصواع والسقاية شيء واحد، ويجمع الصاع أيضاً صيعانًا.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ٢٥٨.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢٠.
(٤) ذكر القراءة الزجاج ٣/ ١٢٠، والثعلبي ٧/ ٩٧ أ، والطبري ١٣/ ١٨، وابن عطية ٨/ ٢٨، وأخرج هذه القراءة عن أبي هريرة سعيد بن منصور وابن الأنباري كما في "الدر" ٤/ ٥٥، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٤٤١.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٥١.
(٦) ما بين المعقوفين مكرر في (أ).
(٧) الطبري ١٣/ ١٦، وقد ذكر هذا القول الثعلبي ٧/ ٩٦ ب، والبغوي ٤/ ٢٦٠، و"زاد المسير" ٤/ ٢٥٧، والقرطبي ٩/ ٢٢٩.

وقال بعض أهل التأويل (١): الاسم الحقيقي لهذا الإناء: الصواع، والسقاية وصف، قال: وهذا نحو قولهم: كوز وإناء وسقاء، فالاسم المختص هو الكوز، والوصف هو السقاء إذ كان مشتركًا، وقال جماعة من المفسرين: الصواع كان على [صيغة المكوك أو القفيز يشربون فيه، ويسقون دوابهم] (٢)، ويكيلون به إذا احتاجوا إلى ذلك.
وقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾ أي من الطعام ﴿وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ قال مجاهد (٣): الزعيم: هو المؤذن الذي أذن، وتفسير زعيم كفيل.
وقال الكلبي: الزعيم: الكفيل بلسان أهل اليمن. نحو هذا قال المفسرون وأهل اللغة (٤) في الزعيم أنه الكفيل.
أبو عبيدة (٥) عن الكسائي: زعمت به أزعم زعمًا وزعامة، أي: كفلت به، وهذه الآية تدل على أن الكفالة كانت صحيحة في شريعتهم، وقد حكم بها رسول الله - ﷺ - في قوله: "الزعيم غارم" (٦).
(٢) ما بين المعقوفين من (ي).
(٣) الطبري ١٣/ ٢٠، وابن أبي حاتم ٢١٧٤.
(٤) روى هذا القول الطبري ١٣/ ٢٠ - ٢١، عن ابن عباس: ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك وابن إسحاق، وذكره الثعلبي ٧/ ٩٧ أ، والبغوي ٤/ ٢٦٠، و"زاد المسير" ٤/ ٢٥٩، وابن عطية ٨/ ٢٩، وغيرهم.
وانظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٣١٥، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبة ص ٢٢٧، "معاني الزجاج" ٣/ ١٢٠، و"معاني الفراء" ٢/ ٥١.
(٥) "تهذيب اللغة" (زعم) ٢/ ١٥٣٣ وفيه أبو عبيد بدل أبي عبيدة، الرازي ١٨/ ١٧٩، و"الزاهر" ٢/ ١٣٠.
(٦) الحديث أخرجه الترمذي (١٢٦٥) كتاب البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداه من حديث أبي أمامه وقال عنه: حديثَ حسن، وأبو داود (٣٥٦٥) كتاب البيوع، =