آيات من القرآن الكريم

قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﰿ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ

وقد اعترض بعض أهل الزيغ في هذا الخبر، وقال: كيف لم يعرفوه، (وقد) عرف أن لهم أخاً من أب، وسألهم الإتيان به.
فجواب ذلك على قول بعض أهل النظر أن يوسف كان لا يعطي لكل نفس إلا حِمْلاً في تلك المجاعة. (فلما) أخذوا لكل شخص منهم حِمْلاً. قالوا: لنا أخ من أبينا غاب فأعطنا له حملاً، فأعطاهم وقال لهم: إيتوني بهذا الأخ إن أردتم أن أعطيكم عنه حِمْلاً إذا رجعتم للمير (ة) لنعلم صدقكم. فإن لم تأتوني به علمت كذبكم، ولم أعطكم شيئاً. وهذا كله داخل في قوله: ﴿كذلك كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ [يوسف: ٧٦] ﷺ.
قوله: ﴿قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَ (إِنَّا لَفَاعِلُونَ)﴾ - إلى قوله - ﴿كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾
المعنى: قالوا سنرجع إلى أبيه، فنسأله في أن يوجه به (معنا)، وإنا لفاعلون ذلك.

صفحة رقم 3593

ثم قال تعالى: ﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجعلوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ﴾ أي: قال يوسف لغلمانه و " فتيته ": أنَسْبُ لأنه للعدد القليل، و " فتيان ": حسن، فقال لهم: اجعلوا أثمان الطعام التي أخذوا بها طعامي في وسط رجحالهم، وهم لا يعلمون.
قال بعض أهل المعاني: إن يوسف خشي ألا يكون عند أبيه دراهم، إذا كانت سنة جَدْبٍ. فرد عليهم الدراهم طمعاً أن يأخذها.
وقيل: إنما رَدَّ عليهم الثمن رفقاً بهم (من) حيث لا يعلمون، تكرماً منه، وتفضلاً.
وقيل: إنما جعل الثمن في الأوعية لتكون سبب رجوعهم إليه لعلمه، فكرمهم، وإنهم لا يرضون بحبس الثمن، وإنهم يتحرَّجُون من ذلك فيرجعون إليه

صفحة رقم 3594

ضرورة.
ثم قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَجَعُوا إلى أَبِيهِمْ قَالُواْ يا أبانا مُنِعَ مِنَّا الكيل فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ﴾: من قرأ بالياء: فمعناه: يكتل لنفسه حملاً، ومن قرأ بالنون: أراد إنهم أخبروا عن أنفسهم، وعنه بالكيل. والمعنى: إنهم قالوا: (له): يا أبانا منع (منا) أن نكتال فوق ما اكتلنا بعيراً لكل نفس. فأرسل معنا أخانا يكتل لنفسه كَيْلَ بعير زائدة على ما اكْتَلْنَا لأنفسنا.
قال السدي: لما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا! إن ملك مصر أكرمنا كرامةً، لو كان رجلاً من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامتَهُ، وإنه ارتهن منا شمعون.
وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد موت أخيكم / فإن لم تأتوني به، فلا تقربوا بلادي أبداً، فقال لهم يعقوب: ﴿هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ﴾ - الآية - ثم قال: ﴿فالله خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين﴾: أي: إن يفجعني في هذا الولد على كبر

صفحة رقم 3595

سني، وهو أرحم الراحمين فيَّ إذا آتيتم إلى ملك مصر، فأقرؤه سلامي، وقولوا له: إن أبانا يدعو لك، ويصلي عليك لما أوليتنا من الجميل.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ﴾: أي [لما] فتحوا أوعيتهم التي فيها الطعام، وجدوا الثمن الذي دفعوه ليوسف في الطعام، في أوعيتهم.
﴿قَالُواْ يا أبانا مَا نَبْغِي﴾: وراء هذا، إن بضاعتنا ردَّت إلينا، وقد أوفى لنا الكيل.
﴿وَنَمِيرُ أَهْلَنَا﴾ في رجوعنا: أي: نأتيهم بالطعام.
﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾: بسير أخينا معنا، لأن لكل نفس حمل بعير.

صفحة رقم 3596
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية