
قوله: ﴿وَمَآ أُبَرِّىءُ نفسي إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسوء﴾ - إلى قوله - ﴿وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ قوله: ﴿إِلاَّ مَا رَحِمَ ربي﴾: " ما " في موضع نصب، استثناء، ليس من الأول.
والمعنى: إلا أن يرحم ربي ما شاء من خلقه، فينجيه من اتباع هواه، وما تامر [هـ] به نفسه. إن ربي ذو مغفرة عن ذنوب من تاب، (رحيم) (به) بعد توبته.
قوله: ﴿وَقَالَ الملك ائتوني بِهِ﴾، أمر ملك مصر الأعظم، وهو الوليد بن الريان بالإتيان بيوسف ﷺ، لما تبين عذره. وقال: ﴿أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾: أي أجعله من خلصائي وخاصتي. ﴿فَلَمَّا كَلَّمَهُ﴾: أي: ﴿فَلَمَّا﴾ كلم الملك يوسف ﷺ علم براءته، وحسن عقله. قال له: يا يوسف ﴿إِنَّكَ اليوم لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ﴾: أي: متمكن مما أردت، أمينٌ على ما ائتنمت عليه من شيء.

وقيل: أمين، لا تخاف عذراً. ثم قال (له): ما من شيء إلا وأنا أحب أن تشركني فيه إلا أهلي، ولا يأكل معي عبدي، فقال (له) يوسف، ( ﷺ) : أتأنف أن آكل معك؟ وأنا أحق أن آنف منك، أنا ابن إبراهيم، خليل الرحمان، وأنا ابن إسحاق الذبيح، وابن يعقوب الذي ابيضت عيناه من الحزن.
قوله: ﴿قَالَ اجعلني على خَزَآئِنِ الأرض﴾ - إلى قوله - ﴿وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ والمعنى: قال يوسف ﷺ، للملك: " اجعلني على خزائن أرضك ".
قال ابن زيد: فأسلم إليه فرعون سلطانه كله، فكان على خزائن الأطعمة، وغيرها من أمواله وعمله.
وروى مالك بن أنس، رضي الله عنهـ، عن ابن المنكدر عن جابر بن

عبد الله، قال: كان يوسف النبي عليه السلام لا يشبع فقيل له:
ما لك لا تشبع، وبيدك خزائن الأرض؟. قال: إني إذا شبعت نسيت الجائعين.
قوله: ﴿إِنِّي حَفِيظٌ﴾: أي: لما وليت، ﴿عَلِيمٌ﴾ به. وقيل: (إن) المعنى: إني حافظ للحساب، عالم بالألسن.
وقيل: المعنى: إني حافظ / لللأموال عالم بالموضع الذي يجب أن يجعل فيه مما يرضي الله، تعالى، ولذلك سأل يوسف، ( ﷺ)، الملك في هذا ليتمكن له وضع الأشياء في حقوقها. فأراد بسؤاله الصلاح ﷺ.

ثم قال (تعالى) ﴿وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض﴾: أي: في أرض مصر ﴿يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ﴾: أي: يتخذ منزلاً أين شاء بعد الضيق والحبس. ومن قرأ بالنون، فمعناه: يصرفه في الأرض حيث يشاء.
﴿نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ﴾: من خلقنا كما أصبنا بها يوسف.
﴿وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المحسنين﴾: أي: لا نبطل أجر من أحسن (عملاً) فأطاع ربه، ( تعالى).
قال ابن إسحاق: ولاه الملك عمل العزيز زوج المرأة، فهلك العزيز في تلك الليالي، وزوج الملك زوجة العزيز ليوسف.
وقال ابن إسحاق: فلما دخلت عليه قال:: أليس هذا خيراً مما كنت