
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ لَا يأتيكما طَعَام﴾ الْآيَة، بَدَأَ يُوسُف - صلوَات الله عَلَيْهِ - قبل تَعْبِير الرُّؤْيَا بِإِظْهَار المعجزة وَالدُّعَاء إِلَى تَوْحِيد الله؛ فَقَوله: {لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه
صفحة رقم 30
﴿قوم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وهم بِالآخِرَة هم كافرون (٣٧) وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب مَا كَانَ لنا أَن نشْرك بِاللَّه من شَيْء ذَلِك من فضل الله علينا وعَلى﴾ إِلَّا نبأتكما بتأويله قبل أَن يأتيكما) فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: لَا تدعوان بِطَعَام من منازلكما إِلَّا نبأتكما بِقَدرِهِ ولونه وطعمه وَالْوَقْت الَّذِي يصل إلَيْكُمَا فِيهِ قبل أَن يصل إلَيْكُمَا؛ وَهَذِه المعجزة مثل معْجزَة عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - وَقَوله: ﴿وأنبئكم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تدخرون فِي بُيُوتكُمْ﴾.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه كَانَ من رسم الْملك إِذا أَرَادَ أَن يقتل إنْسَانا يبْعَث إِلَيْهِ بِطَعَام مَعْرُوف عِنْدهم، وَإِذا أَرَادَ أَن يكرم إنْسَانا بعث إِلَيْهِ بِطَعَام مَعْرُوف عِنْدهم؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه﴾.
وَالْقَوْل الثَّالِث: لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه فِي الْمَنَام إِلَّا نبأتكما بتأويله فِي الْيَقَظَة، فَقَالُوا: من أَيْن لَك ذَلِك، أتتكهن أم تتنجم؟ فَقَالَ: لَا؛ وَلَكِن مِمَّا عَلمنِي رَبِّي. فَهَذَا معنى قَوْله ﴿ذلكما مِمَّا عَلمنِي رَبِّي﴾. وَقَوله: ﴿إِنِّي تركت مِلَّة قوم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وهم بِالآخِرَة هم كافرون﴾ ظَاهر.