
ترجمة المؤلف (*)
محيي الدين درويش (١٣٢٦ - ١٤٠٣ هـ = ١٩٠٨ - ١٩٨٢ م)
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش.
ولد في مدينة حمص (سورية)، وفيها توفي.
عاش في سورية.
تلقى علومه في مدارس حمص، حيث كانت في ذلك الوقت عبارة عن كتاتيب يتلقى فيها طلاب العلم القرآن الكريم وعلومه، ظهرت نجابته فأنهى دراسته للقرآن
الكريم وهو في سن العاشرة؛ مما أهله للالتحاق بمدرسة دار المعلمين العليا في دمشق.
عمل مدرسًا للأدب العربي في مدارس حمص التجهيزية بعد أن اختارته وزارة المعارف لهذا العمل في عام ١٩٣٢م، وفي عام ١٩٦٣ م أصدر مجلة «الخمائل الأدبية»
التي كانت متنفس الأدباء والشعراء داخل القطر السوري وخارجه، وكان قد رأس تحرير عدد من الجرائد.
كان عضوًا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
من أعماله:
- إعراب القرآن وبيانه - دار ابن كثير - دمشق ١٩٨٨
- تحقيق «ديوان ديك الجن» بالاشتراك - مطابع الفجر - حمص ١٩٦٠
- الرواد الأوائل للشعر في مدينة حمص - مجلة العمران العددان (٢٧ و٢٨) - حمص مارس ١٩٦٩
- نشرت له مجلة الخمائل عددًا من المقالات منها:
* الشريف الرضي في غزله - العدد (٢١) - سبتمبر ١٩٦٢
* الصور الفنية المقتبسة من القرآن - العدد (١٤) - يناير ١٩٦٣
* أبو العلاء المعري في رسالة الغفران - في عشر حلقات منذ عام ١٩٦٤.
الإنتاج الشعري:
- أورد له كتاب «الحركة الشعرية المعاصرة في حمص» العديد من النماذج الشعرية
- أورد له كتاب «من أعلام حمص» نماذج من شعره
- نشرت له مجلة «الرسالة» عددًا من القصائد منها:
* «بقية حلم» - العدد (١٦٦) - القاهرة سبتمبر ١٩٣٦،
* «مساء القرية» - العدد (١٧٣) - القاهرة أكتوبر ١٩٣٦
- نشرت له مجلة الخمائل عددًا من القصائد منها:
* «اليتيم» - العددان (٢٥ و٢٦) - حمص ديسمبر ١٩٦٤.
مصادر الدراسة:
١ - أدهم آل جندي: أعلام الأدب والفن (جـ ٢) - مطبعة الاتحاد - دمشق ١٩٥٨.
٢ - عبد القادر عياش: معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين - دار الفكر - دمشق ١٩٨٥.
٣ - عبد المعين الملوحي: بلدي الصغير الحبيب حمص - غرفة التجارة والصناعة - حمص ٢٠٠٢.
٤ - محمد غازي التدمري: الحركة الشعرية المعاصرة في حمص١٩٠٠ - ١٩٥٦ - مطبعة سورية - دمشق ١٩٨٠.
: من أعلام حمص (جـ ١) - دار المعارف - حمص ١٩٩٩.
٥ - لقاء أجراه الباحث أحمد هواش مع عبد المعين الملوحي أحد تلاميذ المترجم له - حمص ٢٠٠٣

[المجلد الاول]
مقدمة
أما بعد حمد الله على آلائه، والصلاة والسلام على خاتمة رسله وأنبيائه، فهذا كتاب «اعراب القرآن وبيانه»، أتيح له أن يظهر بعد أن طال احتجابه، وكثر طلابه، ولعله أول كتاب جمع البيان فأوعى، ورسم لشداة الآداب السبيل الأقوم والأسنى، ولست أدل به لأنه عن أئمة البيان مقتبس، وفيه لمن رام البيان نعم الملتمس، ولن أتحدث عنه فهو أولى بالحديث عن نفسه،والمسك ما قد شف عنه ذاته | لا ما غدا ينعته بائعه |
محيي الدين الدرويش
جمادى الأولى ١٤٠٠
حمص نيسان ١٩٨٠ صفحة رقم 5

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
اللغة:
(أعوذ) : أعتصم وأمتنع (الشيطان) : إمّا أن يكون على وزن فعلان من شاط يشيط بقلب ابن آدم أي مال به وأهلكه، وإمّا أن يكون على وزن فيعال من شطن أي بعد كأنه بعد عن الخير أو بعد غوره في الشّر. (الرجيم) : فعيل بمعنى مفعول والمرجوم في اللّغة:
المطرود الملعون أو فعيل بمعنى فاعل أي يرجم غيره بالإغواء والتضليل وإلقاء النفس في المتالف.
الإعراب:
(أعوذ) فعل مضارع مرفوع وهو فعل معتل أجوف لأن عين الفعل واو والأصل أعوذ على وزن أفعل فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت الى العين فصارت أعوذ وهذه علّة ما كان من هذا الباب وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. (بالله) : جار ومجرور متعلقان بأعوذ (من الشيطان) جار ومجرور متعلقان بأعوذ أيضا ومن لابتداء الغاية كما أن إلى لمنتهى الغاية فإذا قلت: لزيد من الحائط إلى الحائط فقد بيّنت به طرفي ماله، وإذا قال الرجل: لزيد عليّ من واحد الى عشرة فجائز أن يكون عليه ثمانية إذا أخرجت الحدّين وجائز أن يكون عليه عشرة إذا ادخلت الحدّين معا، وجائز أن يكون عليه تسعة إذا أدخلت حدّا وأخرجت حدّا. (الرجيم) نعت حقيقي للشيطان وجملة الاستعاذة ابتدائية لا محل لها من الإعراب.

(١١٤) سورة النّاس مكيّة وآياتها ستّ
[سورة الناس (١١٤) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤)الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)
اللغة:
(الْوَسْواسِ) اسم بمعنى الوسوسة، كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فوسواس بالكسر كزلزال والمراد به الشيطان سمّي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنه صنعته وشغله وأريد ذو الوسواس. وفي المصباح أنه يطلق أيضا على ما يخطر بالقلب من الشر وكلّ ما لا خير فيه. وفي المختار: حديث النفس يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بالكسر والوسواس بالفتح الاسم.
(الْخَنَّاسِ) في المختار «خنس عنه تأخر وبابه دخل وأخنسه غيره صفحة رقم 624

أي خلفه ومضى عنه، والخناس الشيطان لأنه يخنس إذا ذكر الله عزّ وجلّ». قال في أساس البلاغة: «خنس الرجل من بين القوم خنوسا إذا تأخر واختفى وخنّسته أنا وأخنسته وأشار بأربع وخنس إبهامه ومنه الخناس وفي الحديث: «الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر الله خنس» وفي أنفه خنس وهو انخفاض القصبة وعرض الأرنبة. والبقر خنس».
الإعراب:
«قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس» قل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وجملة أعوذ مقول القول وأعوذ فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا وبرب الناس متعلقان بأعوذ وملك الناس وإله الناس بدلان أو صفتان أو عطفا بيان، وكرّر الإضافة فيهما زيادة للبيان. قال في الكشاف: «فإن قلت: فهلّا اكتفى بإظهار المضاف إليه الذي هو الناس مرة واحدة قلت: لأن عطف البيان للبيان، فكان مظنّة للاظهار دون الإضمار» (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) جار ومجرور متعلقان بأعوذ والوسواس مضاف إليه والخناس صفة (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) الذي نعت لوسواس قال في الكشاف: «يجوز في محله الحركات الثلاث فالجرّ على الصفة والرفع والنصب على الشتم» ويوسوس فعل مضارع وفي صدور الناس متعلقان بيوسوس (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) بيان للذي يوسوس فمن بيانيّة، ويصحّ كونها ابتدائية متعلقة بيوسوس أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة ومن جهة الناس.
ويصحّ كونها تبعيضية أي كائنا من الجنة والناس. وفي الخطيب قيل أنه بيان للناس الذي هو في صدورهم فقد قيل إن إبليس يوسوس في صدور الجن كما يوسوس في صدور الناس.

الفوائد:
١- عن رسول الله ﷺ لقد أنزلت عليّ سورتان ما أنزل مثلهما وإنك لن تقرأ سورتين أحبّ ولا أرضى عند الله منهما، يعني المعوّذتين ويقال للمعوذتين المقشقشتان.
٢- أجمع جميع القرّاء في هذه السورة على إسقاط الألف من ملك بخلاف الفاتحة فاختلفوا فيها كما تقدّم.
٣- روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما وقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده.
يصنع ذلك ثلاث مرات.
انتهى المجلد العاشر من كتاب إعراب القرآن الكريم وبيانه وبتمامه يتمّ الكتاب