آيات من القرآن الكريم

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗ

١١٢ شرح إعراب سورة قل هو الله أحد (الإخلاص)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الإخلاص (١١٢) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)
هُوَ في موضع رفع بالابتداء كناية عن الحديث على قول أكثر البصريين والكسائي أي الحديث الذي هو الحق الله أحد.
[سورة الإخلاص (١١٢) : آية ٢]
اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)
فيه ست تقديرات «١» : أحسنها أن يكون قولك اللَّهُ رفعا بالابتداء الصَّمَدُ نعته وما بعده خبره، والقول الثاني أن يكون الصمد الخبر، والقول الثالث أن يكون على إضمار مبتدأ، والرابع أن يكون خبرا بعد خبر، والخامس أن يكون بدلا من أحد، والسادس أن يكون بدلا من قولك الله الأول فإن قيل: ما معنى التكرير؟ فالجواب أن فيه التعظيم هكذا كلام العرب كما قال: [الخفيف] ٥٩٢-
لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا «٢»
فعظّم أمر الموت لما كرره ولم يضمره، ومثله وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المزمل: ٢٠] فلا يجيز الفراء أن يكون كناية عن الحديث إلا أن يكون قبلها شيء. وهذا تحكّم على اللغة، وقال الله جلّ وعزّ يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [النمل: ٩] وإنّي الابتداء وإنّ إنما تدخل على المبتدأ بإجماع، وأيضا فإن «هو» إن لم يكن كناية عن الحديث فهي مبتدأة في أول السورة فإن قال القائل: فعلام تعود؟ فحجّته الحديث أن اليهود سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصف لهم ربّه جلّ وعزّ وينسبه فأنزل الله جلّ وعزّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. قال أبو جعفر: وقد أمليت هذا الحديث ليعرف على ما سمعته، وفيه أشياء منها أنه من حديث جرير عن الضحاك لم يسمع عن ابن عباس، وقال أحمد بن شعيب جويبر بن سعيد خراساني يروي عن الضحاك متروك الحديث، وفيه إسماعيل بن زياد ضعيف، وذكرناه على ما فيه ليعرف وفيه البعلبكي
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٥٢٩.
(٢) مرّ الشاهد رقم (٧٠).

صفحة رقم 194

على ما قال الشيخ والأجود البعلي، وهذا جائز عند الكوفيين وقد بيّنّا في قوله جلّ وعزّ: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ [المدثر: ٣٠] والأخفش سعيد قوله كقول الفراء في أنه كناية عن مفرد «الله» خبر قال الأخفش «أحد» بدل من «الله». قرأ نصر بن عاصم وعبد الله بن أبي إسحاق أَحَدٌ اللَّهُ بغير تنوين، وكذا يروى عن أبان بن عثمان حذفوا التنوين لالتقاء الساكنين، وأنشد سيبويه: [المتقارب] ٥٩٣- ولا ذاكر الله إلّا قليلا «١» وأنشد الفراء «٢» :[الخفيف] ٥٩٤-

كيف نومي على الفراش ولمّا تشمل الشّام غارة شعواء
تذهل الشّيخ عن بنيه وتلوي عن خدام العقلة العذراء
يريد عن خدام العقيلة فحذف التنوين لالتقاء الساكنين كما قرءوا أَحَدٌ اللَّهُ والأجود تحريك التّنوين لالتقاء الساكنين، لأنه علامة فحذفه قبيح، وقراءة الجماعة أولى. وفي «أحد» ثلاثة أقوال منها: أن يكون أحد بمعنى وحد، ووحد بمعنى واحد، كما قال: [البسيط] ٥٩٥-
كأنّ رحلي وقد زال النّهار بنا يوم الجليل على مستأنس وحد «٣»
فأبدل من الواو همزة. والقول الثاني أن يكون الأصل واحدا أبدل من الواو همزة، وحذفت الهمزة لئلا يلتقي همزتان، والقول الثالث أن أحدا بمعنى أوّل كما تقول: اليوم الأحد، واليوم الأول مسموع من العرب، وقال بعض أهل النظر في أحد من الفائدة ما ليس في واحد لأنك إذا قلت: فلان لا يا قوم له واحد، جاز أن يا قوم له اثنان وأكثر فإذا قلت. فلان لا يا قوم له أحد، تضمن معنى واحد وأكثر. قال أبو جعفر:
وهذا غلط لا اختلاف بين النحويين أن أحدا إذا كان كذا لم يقع إلا في النفي كما قال:
[البسيط] ٥٩٦-
وقفت فيها أصيلا كي أسائلها عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد «٤»
فإذا كان بمعنى واحد وقع في الإيجاب تقول: ما مرّ بنا أحد، أي واحد فكذا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
(١) مرّ الشاهد رقم ٧٣.
(٢) الشعر لعبيد الله بن قيس الرقيّات في ديوانه ٩٥، وتاج العروس (شمل) و (شعى)، ولسان العرب (شمل) و (خدم) و (شعا)، ومقاييس اللغة ٣/ ١٩٠، ومجمل اللغة ٣/ ١٦١، وأساس البلاغة (شعو)، والشعر والشعراء ٥٤٦، وسمط اللآلي ١/ ٢٩٤.
(٣) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٣١، والخصائص ٣/ ٢٦٢، والخزانة ١/ ٥٢١.
(٤) مرّ الشاهد رقم (٥٧٤).

صفحة رقم 195
إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري النحوي
الناشر
منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية