آيات من القرآن الكريم

قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﰿ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

منه، يتقدَّمها علْمٌ بفساد المَتُوب مِنْه، وصلاحٍ ما يَرْجِعُ إِليه، ويقترن بها نَدَمٌ على فَارِطِ المَتُوبِ منه، لا يَنْفَكُّ منه، وهو من شروطها ومِدْراراً بناءُ تكثير، وهو مِنْ دَرَّ يَدُرُّ، وقد تقدَّمت قصة «عاد».
وقوله سبحانه: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ ظاهره العمومُ في جميع ما يُحْسِنُ اللَّه تعالى فيه إِلى العباد، ويحتملُ أن خصّ القوة بالذكر، إذ كانوا أَقْوَى العَوَالِمِ، فوُعِدُوا بالزيادَةِ فيما بَهَرُوا فيه، ثم نهاهُمْ عن التولِّي عن الحقِّ، وقولهم: عَنْ قَوْلِكَ، أي: لا يكونُ قولُكَ سَبَبَ ترْكِنا، وقال ص: عَنْ قَوْلِكَ: حالٌ من الضمير في «تاركي»، أي: صادِرِينَ عن قولك، وقيل: «عن» : للتعليل، كقولهِ: إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ [التوبة:
١١٤] وقولهم: إِنْ نَقُولُ... الآية: معناه: ما نَقُولُ إِلا أَن بعض آلهتنا التي ضَلَّلْتَ عَبَدَتَهَا أَصابَكَ بجُنُونٍ، يقال: / عَرَّ يَعُرُّ، واعترى يَعْتَرِي إِذا أَلمَّ بالشيء.
وقوله: فَكِيدُونِي جَمِيعاً: أي: أنتم وأصنامكم، ويذكر أن هذه كَانَتْ له عليه السلام معجزةً، وذلك أنَّه حرَّض جماعتهم عَلَيْه مع انفراده وقوَّتهم وكُفْرهم، فلم يقدروا على نيله بسوء، وتُنْظِرُونِ: معناه: تؤخِّروني، أيْ: عاجلوني بما قَدَرْتم عليه.
وقوله: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يريد: إِن أفعالَ اللَّه عزَّ وجلَّ في غاية الإحكام، وقوله الصّدق ووعده الحقّ، وعَنِيدٍ: من «عند» إذا عتا.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦٠ الى ٦٦]
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠) وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤)
فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦)
وقوله سبحانه: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً... الآية: حَكَمَ عليهم سبحانه بهذا لموافاتهم على الكُفْر، ولا يُلْعَنُ معيَّنٌ حُيٌّ: لا مِنْ كافرٍ، ولا من فاسقٍ، ولا من بهيمةٍ،

صفحة رقم 288

كلُّ ذلك مكروهٌ بالأحاديث «١».
ت: وتعبيره بالكراهَةِ، لعلَّه يريد التحريمَ، وَيَوْمَ: ظَرفٌ، ومعناه: إِن اللعنة علَيْهم في الدُّنيا، وفي يوم القيامة، ثم ذكَر العلَّة الموجِبَةَ لذلك، وهي كُفْرهم بربهم، وباقي الآية بيّن.
وقوله عز وجل: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً... الآية: التقديرُ: وأرسلنا إلى ثمود وأَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ: أي: اخترعكم، وأوْجَدكم، وذلك باختراع آدم عليه السلام.
وقال ص: مِنَ الْأَرْضِ: لابتداءِ الغاية باعتبار الأصلِ المتولَّدِ منه النباتُ المتولَّدُ منه الغذاءُ المتولَّدُ منه المَنِيُّ ودَمُ الطَّمْثِ المتولَّدُ عنه الإِنسان. انتهى.
وقد نقل ع «٢» : في غير هذا الموضع نَحْوَ هذا، ثم أشار إِلى مرجوحيَّته، وأَنَّه داعٍ إِلى القول بالتولُّد، قال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه» «٣» : قوله تعالى: وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها:
أي: خَلَقَكم لعمارتها، ولا يصحُّ أنْ يقال: هو طَلَبٌ من اللَّه لعمارتها كما زعم بعضُ الشَّافعيَّة.
ت: والمفهومُ من الآية أنَّها سيقَتْ مساق الامتنان عليهم. انتهى. وقولهم:
يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا، قال جمهور المفسِّرين: معناه: مسوَّداً نؤمِّل فيك أنْ تكون سيِّداً سادًّا مسدَّ الأكابِرِ، وقولهم: وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ، معنى: مُرِيبٍ: ملبس متهم، وقوله: أَرَأَيْتُمْ: أي: أتدبرتم، فالرؤية قلبيّة، وآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً، يريد: النبوَّة وما انضاف إِليها.

(١) قد ورد في تحريم اللعن عدة أحاديث منها، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من لعن مؤمنا فهو كقتله».
أخرجه البخاري (١٠/ ٤٧٩) كتاب «الأدب» باب: ما ينهى من السباب واللعن، حديث (٦٠٤٧).
ومنها حديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا ينبغي لصدّيق أن يكون لعانا».
أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٠٥) كتاب «البر والصلة» باب: النهي عن لعن الدواب وغيرها، حديث (٨٤/ ٢٥٩٧)، وأحمد (٢/ ٣٣٧)، والبيهقي (١٠/ ١٩٣)، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ٣١٥- بتحقيقنا).
ومنها أيضا حديث عبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس المؤمن بالطّعان ولا باللّعان ولا الفاحش ولا البذيء».
أخرجه الترمذي (٤/ ٣٠٨) كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في اللعنة، حديث (١٩٧٧)، وأحمد (١/ ٤٠٥)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١١٧)، والحاكم (١/ ١٢) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٨٣).
(٣) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٠٥٩).

صفحة رقم 289
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية