
الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)
شرح الكلمات:
نوحا: هو العبد الشكور أبو البشرية الثاني نوح عليه السلام.
إني لكم نذير مبين: أي مخوف لكم من عذاب الله بَيِّنُ النذارة.
عذاب يوم أليم: هو عذابه يوم القيامة.
الملأ: الأشراف وأهل الحل والعقد في البلاد.
أراذلنا ١: جمع أرذل وهو الأكبر خسة ودناءة.
بادي الرأي: أي ظاهر الرأي، لا عمق عندك في التفكير والتصور للأشياء.
معنى الآيات:
هذه بداية قصة نوح عليه السلام وهي بداية لخمس قصص٢ جاءت في هذه السورة سورة هود عليه السلام قال تعالى ﴿ولقد أرسلنا نوحاً٣ إلى قومه إني لكم نذير٤ مبين﴾ أي قال لهم إني لكم نذير مبين أي بين النذارة أي أخوفكم عاقبة كفركم بالله وبرسوله وشرككم في عبادة ربكم الأوثان والأصنام. وقوله ﴿أن لا تعبدوا٥ إلا الله﴾ أي نذير لكم بأن لا تعبدوا إلا الله، وتتركوا عبادة غيره من الأصنام والأوثان وقوله ﴿إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم﴾ علل لهم أمرهم بالتوحيد ونهيهم عن الشرك بأنه يخاف عليهم إن أصروا على كفرهم وتركهم عذاب يوم أليم٦ وهو عذاب يوم القيامة ﴿فقال الملأ الذين كفروا من قومه﴾ أي فرد على نوح ملأ قومه اشرافهم وأهل الحل والعقد فيهم ممن كفروا بالله ورسوله فقالوا ﴿ما نراك إلا بشراً مثلنا﴾ ٧ أي لا فضل لك علينا فكيف تكون رسولاً لنا ونحن مثلك هذا
٢ هذا العطف من باب عطف قصّة على قصّة: الواو: تسمى الواو الابتدائية.
٣ كُسرت: إنّ لأنّ الإرسال فيه معنى القول وإن تكسر بعد القول.
٤ الِقصّة: بكسر القاف والجمع: قصص كحجّة وحجج: الخبر يروى وتُتَتّبع أجزاؤه بعناية، والقصص بفتح القاف: مصدر قصّ الحديث يقصّه قصاً.
٥ هذه الجملة مفسّرة لجملة ﴿أرسلنا نوحاً﴾ أو لقوله: ﴿إني لكم نذير مبين﴾.
٦ وجائز أن يكون ﴿عذاب يوم أليم﴾ في الدنيا وهو عذاب الطوفان وقد كان.
٧ مثلنا: منصوب على الحال.

أولاً وثانياً ﴿وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا﴾ أي سفلتنا من١ أهل المهن المحتقرة كالحياكة والحجامة والجزارة ونحوها وقولهم٢ بادي الرأي أي ظاهر الرأي لا عمق في التفكير ولا سلامة في التصور عندك وقولهم ﴿وما نرى لكم علينا من فضل﴾ أي وما نرى لكم علينا من أي فضل تستحقون به أن نصبح أتباعاً لكم فنترك ديننا ونتبعكم على دينكم بل نظنكم كاذبين فيما تقولون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- إن نوحاً واسمه عبد الغفار أول رسول إلى أهل الأرض بعد أن أشركوا بربهم وعبدوا غيره من الأوثان والآلهة الباطلة.
٢- قوله أن لا تعبدوا إلا الله هو معنى لا إله إلاّ الله
٣- التذكير بعذاب يوم القيامة.
٤- اتباع الرسل هم الفقراء والضعفاء وخَصُوُمهم الأغنياء والأشراف والكبراء.
٥- احتقار أهل الكبر لمن دونهم. وفي الحديث "الكبر٣ بطر الحق وغمط الناس".
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (٢٨) وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلاَ
٢ ومنه البادية وهي الأراضي الظاهرة لا تحوطها مبانٍ ولا بساتين ولا مصانع.
٣ الحديث في الصحيح فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنّ الله لا يدخل الجنة مَنّ كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر" فسئل عن الكبر فقال: الكبر: بطر الحق وغمط الناس" وبطر الحق: عدم قبوله، وغمط الناس: احتقارهم.