آيات من القرآن الكريم

۞ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ۚ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ

أراد نغالي باللحم وقد ذهب إلى هذا المذهب الفراء.
وثانيها: انه لاستثقالهم استماع آيات الله وكراهتهم تذكرها وتفهمها جروا مجرى من لا يستطيع السمع وان أبصارهم لم تنفعهم مع اعراضهم عن نذر الآيات فكأنهم لم يبصروا. ومما يجري هذا المجرى قول الأعشى في مطلع معلقته:

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل
ومن المعلوم أن الأعشى كان يقدر على الوداع وإنما نفى الطاقة عن نفسه من حيث الكراهية والاستثقال.
وثالثها- ان ما هنا ظرفية مصدرية تجري مجرى سأذكرك ما حييت والمعنى أنهم معذبون ما داموا أحياء.
[سورة هود (١١) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)
اللغة:
(أَخْبَتُوا) سكنوا واطمأنوا وأنابوا، والإخبات الطمأنينة وأصله

صفحة رقم 332

الاستواء من الخبت وهو الأرض المطمئنة المستوية الواسعة فكأن الإخبات خشوع مستمر على استواء فيه وهو يتعدى بالى وباللام فإذا قلت أخبت فلان إلى كذا فمعناه اطمأن اليه وإذا قلت أخبت له فمعناه خشع وخضع. وللخاء والباء فاء وعينا للكلمة خاصة غريبة إذ أن الكلمة تدل على معنى التغطية والستر والخفاء أو ما هو قريب من ذلك أو بيت إليه بصلة، فقولهم خبأ الشيء ستره وأخفاه وله خبيئة خبأها ليوم حاجة ومن أمثالهم «لا مخبأ لعطر بعد عروس» والله يخرج الخبء وخبّات الجارية وجارية مخبّاة ونساء مخبآت وخبّ الرجل نزل المنهبط من الأرض ليجهل منزله وخبّ الفرس خبا وخبيبا راوح في عدوه بين يديه ورجليه، والخب بكسر الخاء الخداع وهو إخفاء المكر وفي حديث عمر بن الخطاب «ما تكلم أحد بالفارسية إلا خبّ وما خبّ إلا ذهبت مروءته» وخبث فلان ضد طاب والخبيث يضمر خلاف ما يظهر وخبر الشيء علمه عن تجربة أي نفذ إلى دخائله واستوضحها، وخبز الخبز معروف وإيداعه إلى اخفائه فيه، واختبس الشيء تناوله وغنمه، وخبش الأشياء جمعها من هاهنا وهاهنا. وخبص الشيء بالشيء خلطه به، وخبط البعير بيده الأرض، وبات يختبط الظلماء وهو خابط عشوة للجاهل، وخبع في المكان دخل فيه ويقال جارية خبعة طلعة أي تخبأ نفسها مرة وتبديها مرة.
وخبله أفسده أو أفسد عقله وفساد العقل ذهابه قال:

أرى المال أفياء الظلال فتارة يؤوب وأخرى يخبل المال خابله
وخبن الثوب عطفه وخاطه، وخبن الشاعر أتى بالخبن في شعره وهو حذف ثاني الجزء ساكنا وخبت النار خمدت وسكنت واستخبأ

صفحة رقم 333

الخباء دخله ولو شئنا أن نستقيض في النقل من هذه المادة لأريناك العجب العجب وحسبك من القلادة ما أحاط بالجيد.
الإعراب:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) إن واسمها وجملة آمنوا صلة وجملة وعملوا الصالحات عطف على آمنوا وكذلك جملة وأخبتوا الى ربهم. (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أولئك مبتدأ وأصحاب الجنة خبر وهم مبتدأ وفيها متعلقان بخالدون وخالدون خبر هم وجملة أولئك أصحاب الجنة خبر إن وجملة هم فيها خالدون خبر ثان لان (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) مثل مبتدأ والفريقين مضاف اليه وكالاعمى خبر أو الكاف اسم بمعنى مثل خبر وما بعده عطف عليه. (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرُونَ) هل استفهام معناه النفي ويستويان فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ومثلا تمييز محول عن الفاعل والأصل هل يستوي مثلهم، أفلا تذكرون: الاستفهام للانكار والتوبيخ.
البلاغة:
في قوله تعالى «مثل الفريقين إلخ» تشبيه تمثيلي أي مثل فريق المسلمين كالبصير والسميع ومثل فريق الكافرين كالأعمى والأصم وقد زادت الآية على جميع أمثلة التشبيه التمثيلي كقول امرئ القيس:

صفحة رقم 334
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي