آيات من القرآن الكريم

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ، إِلَى أَجَلٍ مَحْدُودٍ، وَأَصْلُ الْأُمَّةِ الْجَمَاعَةُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِلَى انْقِرَاضِ أُمَّةٍ وَمَجِيءِ أُمَّةٍ أُخْرَى، لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ، أَيُّ: أَيُّ شَيْءٍ يَحْبِسُهُ؟ يَقُولُونَهُ اسْتِعْجَالًا لِلْعَذَابِ وَاسْتِهْزَاءً، يَعْنُونَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ، يَعْنِي الْعَذَابَ، لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ، لَا يَكُونُ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ، وَحاقَ بِهِمْ، نَزَلَ بِهِمْ، ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ، أَيْ: وَبَالُ اسْتِهْزَائِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً، نِعْمَةً وَسَعَةً، ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ، أي: سلبناها منه، إِنَّهُ لَيَؤُسٌ، قُنُوطٌ فِي الشِّدَّةِ، كَفُورٌ [فِي] [١] النِّعْمَةِ.
وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ، بَعْدَ بَلَاءٍ أَصَابَهُ، لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي، زَالَتِ الشَّدَائِدُ عَنِّي، إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ، أَشِرٌ بَطِرٌ، وَالْفَرَحُ لَذَّةٌ فِي الْقَلْبِ بِنَيْلِ الْمُشْتَهَى وَالْفَخْرُ هُوَ التَّطَاوُلُ عَلَى النَّاسِ بِتَعْدِيدِ الْمَنَاقِبِ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا، قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مَعْنَاهُ: لَكِنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، فإنهم وإن نَالَتْهُمْ شِدَّةٌ صَبَرُوا وَإِنْ نَالُوا نِعْمَةً شَكَرُوا، أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ، لِذُنُوبِهِمْ، وَأَجْرٌ كَبِيرٌ، وَهُوَ الْجَنَّةُ.
فَلَعَلَّكَ، يَا مُحَمَّدُ، تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ، فُلَا تُبَلِّغُهُ إِيَّاهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ لَمَّا قَالُوا: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا [يُونُسَ: ١٥]، لَيْسَ فِيهِ سَبُّ آلِهَتِنَا هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدَعَ آلِهَتُهُمْ ظَاهِرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ، يَعْنِي: سَبَّ الْآلِهَةِ، وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ، أَيْ:
فَلَعَلَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا، أَيْ: لِأَنْ يَقُولُوا، لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ يُنْفِقُهُ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ، يُصَدِّقُهُ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [أَبِي] [٢] أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ، لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ، وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ، حافظ.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٣ الى ١٥]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ (١٥)
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، بَلْ يَقُولُونَ اخْتَلَقَهُ، قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ فِي سُورَةِ يُونُسَ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [يونس: ٣٨]، وَقَدْ عَجَزُوا عَنْهُ فَكَيْفَ قَالَ: فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ، فَهُوَ كَرَجُلٍ يَقُولُ لِآخَرَ: أَعْطِنِي دِرْهَمًا فَيَعْجَزُ، [فيقول: أَعْطِنِي دِرْهَمًا فَيَعْجَزُ] [٣]، فَيَقُولُ:
أَعْطِنِي عشرة دراهم؟ الجواب: قد قيل نزلت سورة هود أَوَّلًا. وَأَنْكَرَ الْمُبَرِّدُ هَذَا، وَقَالَ: بَلْ نَزَلَتْ سُورَةُ يُونُسَ أَوَّلًا، وَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي سُورَةِ يونس: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [يونس: ٣٨]، أَيْ: مِثْلِهُ فِي الْخَبَرِ عَنِ الْغَيْبِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، فَعَجَزُوا فَقَالَ لَهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ: إن عجزتم على الإتيان بسورة

(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع.

صفحة رقم 441
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية