آيات من القرآن الكريم

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ

﴿وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ أي: وضائق بما يوحى إليك صدرك، فلا تبلغهم إياه مخافة أن يقولوا: فهلا ﴿أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ﴾: من مال ﴿أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ يصدقه فيما يقول، وينذر معه. إنما عليك يا محمد الإنذار. ﴿والله على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾: أي: لست يا محمد عليهم بوكيل. الله هو الوكيل عليهم، أي: هو القائك بمجازاتهم وأمورهم.
فالهاء في " به " تعود على " ما "، أو على " بعض "، أو على التبليغ، أو على التكذيب.
قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ﴾ إلى قوله ﴿يَعْمَلُونَ﴾:
المعنى: أيقولون افتراه، أي: اختلق القرآن من عند نفسه. و " أَمْ " هنا هي المنقطعة التي هي بمعنى الألف قل لهم يا محمد ﴿فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ﴾: أي: مثل القرآن. ﴿مُفْتَرَيَاتٍ﴾: مختلفات، أي: مختلفات، أي: مفتعلات. كما زعمتم أني اختلقت

صفحة رقم 3358

القرآن، فاختلقوا أنتم أيضاً. إذ محال أن أقدر على ما لا تقدرون، لأنا أهل لسان واحد.
﴿وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله﴾: أي: ادعوا للاختلاق والعون من شئتم إلا الله سبحانه ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾: في قولكم إن محمداً ﷺ، افترى القرآن من عند نفسه.
ثم قال تعالى: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ﴾: أي: إلم يستجب لكم أيها المشركون من (تدعون لأن يأتوا) بعشر سور مثل هذا القرآن ﴿مُفْتَرَيَاتٍ﴾ ولم تطيقوا أن تأتوا بذلك، ﴿فاعلموا أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ الله﴾: أي: أيقنوا أن هذا القرآن أنزل على محمد بعلم الله، وألاَّ معبود إلا الله تعالى.

صفحة رقم 3359

وقيل: المعنى: فإلم يستجب لكم يا محمد هؤلاء المشركون في أن يأتوا بذلك ﴿فاعلموا﴾: أيها المشركون أنه إنما أنزل بعلم الله. وأتى بـ " لكم " لأن المراد النبي ﷺ، والمؤمنون.
وقيل: خوطب النبي ﷺ، بلفظ الجماعة كما يخاطب العظيم، والشريف. والنبي ﷺ، أشرف مَنْ على وجه الأرض.
﴿فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾: أي: مذعنون بالطاعة، مُخْلصُون لله تعالى، العبادة.
ثم قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾. المعنى: من " كان يريد بعمله الحياة الدنيا وزينتها، نوف إليهم أجورهم فيها ".
﴿وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ﴾: هذا للكافر، فأما المؤمن فيجازى بحسناته في

صفحة رقم 3360

الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة.
وقيل: إن قوله: ﴿وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ﴾: يعني: في الآخرة لا يظلمون.
قال مجاهد: هي في أهل الرياء.
وقيل: المعنى: لئن كان يريد بغزوه الغنيمة وفي ذلك، ولم ينقص منه شيئاً.
وقال ابن عباس: نسختها ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا (لَهُ) فِيهَا مَا نَشَآءُ / لِمَن نُّرِيدُ﴾ [الإسراء: ١٧]. وهذا مردود، لأنه خبرٌ، والأخبار لا ننسخ.
روى أبو هريرة أن النبي ﷺ، قال: " إن الله جل ثناؤه، إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية. فأول من يدعى به: رجل جمع القرآن،

صفحة رقم 3361

ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال. فيقول الله تعالى، للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى، يا رب. قال فما عَمِلتَ فما علِمْت؟ قال: كنت اقرأ آناء الليل، وآناء النهار (ابتغاء وجهك)، فيقول الله، جلَّ ثناؤه: " كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: أردتَ أن يُقالَ: فلان " قارئ. فقد قيل ذلك. ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى، له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى، يا رب، قال: فماذا عملت فيما أتيتك؟ قال: كنت اصِل الرحم، وأتصدق " ابتغاء وجهك ". فيقول الله تعالى له: كذبت، وتقول الملائكة له: كذبت، بل أردت أن يقال: فلان جواد. فقد قيل ذلك. ويؤتى بالذي قُتل في سبيل الله تعالى، فيقال له: فبماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله، تعالى، له: كذبت، وتقول الملائكة له: كذبت. فيقول الله تعالى له: بل أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل ذلك. ثم ضرب رسول الله ﷺ، على ركبتيَّ، فقال: يا أبا هريرة! أولئك الثلاثة أول خلق الله تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة ".

صفحة رقم 3362
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية