آيات من القرآن الكريم

فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ

العارفين الى ماذا قال حاجتهم الى الخصلة التي كملت بها المحاسن كلها ألا وهى الاستقامة فكل من كان أتم معرفة كان أتم استقامة قال ابن عطاء فاستقم اى افتقر الى الله مع تبريك من الحول والقوة وفى التفسير الفارسي للامام القشيري [فرمود كه مستقيم آنكس است كه از راه حق باز نگردد تا بسر منزل وصال برسد. وشيخ ابو على دقاق گفته استقامت آنست كه سر خود را از ما سوى محفوظ دارى. وخواجه عصمت بخارى در صفت اهل استقامت فرموده]

كسى را دانم اهل استقامت كه باشد بر سر كوى ملامت
ز أوصاف طبيعت پاك برده بإطلاق هويت جان سپرده
تمام از كرد تن دامن فشانده برفته سايه وخوشيد مانده
وقال ابو على الجرجاني كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة فان نفسك متحركة فى طلب الكرامة ويطلب منك الاستقامة فالكرامة الكبرى الاستقامة فى خدمة الخالق لا بإظهار الخوارق قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره فى نفائس المجالس لا تتيسر الاستقامة الا بايفاء حق كل مرتبة من الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة فمن رعاية حق الشريعة العدالة فى الاحكام فالاستقامة فى مرتبة الطبيعة برعاية الشريعة وفى مرتبة النفس برعاية الطريقة وفى مرتبة الروح برعاية المعرفة وفى مرتبة السر برعاية المعرفة والحقيقة فمراعاة تلك الأمور فى غاية الصعوبة ولذلك قال عليه السلام (شيبتنى سورة هود) فالكمال الإنساني بتكميل تلك المراتب لا بإظهار الخوارق كما حكى انه قيل للشيخ ابى سعيد ان فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك وقيل ان فلانا يطير فى الهواء فقال ان الطيور كذلك وقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد قال ان إبليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق واعلم ان النفوس جبلت على الاعوجاج عن طريق الاستقامة الا ما اختص منها بالعناية الازلية والجذبة الالهية: قال المولى الجامى قدس سره
سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند سالها گر چهـ درين راه تك و پوى كنند
وَلا تَرْكَنُوا الركون هو الميل اليسير والخطاب لرسول الله ﷺ ومن معه من المؤمنين اى ولا تميلوا ادنى ميل إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى الى الذين وجد منهم الظلم فى الجملة فَتَمَسَّكُمُ بسبب ذلك وهو منصوب بإضمار ان فى جواب النهى يعنى [بشما برسد] النَّارُ [آتش دوزخ] وإذا كان الركون الى من صدر منهم ظلم مرة فى الإفضاء الى مساس النار هكذا فما ظنك بالركون الى من صدر منهم الظلم مرارا ورسخوا فيه ثم بالميل إليهم كل الميل وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ اى من أنصار ينقذونكم من النار على ان يكون مقابلة الجمع بالجمع بطريق انقسام الآحاد على الآحاد. والجملة نصب على الحالية من مفعول فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة وهى انتفاء ناصركم ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ جملة فعلية معطوفة على الاسمية قبلها. وكلمة ثم لاستبعاد نصرة الله تعالى إياهم مع استحقاقهم العذاب بسبب ركونهم ثم لا ينصركم الله إذ سبق فى حكمه ان يعذبكم ولا يبقى عليكم. والآية

صفحة رقم 195

ابلغ ما يتصور فى النهى عن الظلم والتهديد عليه والعجب من قوم يقرأون هذه الآية ويرون ما فيها ثم لا يرتدعون عن الظلم والميل الى اهله ولا يتدبرون انهم مؤاخذون غير منصورين:
قال السعدي قدس سره

كرازى بچاه اندر افتاده بود كه از هول او شير نر مانده بود
بد انديش مردم بجز بد نديد بيفتاد وعاجز تر از خود نديد
همه شب ز فرياد وزارى نخفت يكى بر سرش كوفت سنگى وگفت
تو هرگز رسيدى بفرياد كس كه ميخواهى امروز فريادرس
كه بر ريش جانت نهد مرهمى كه دلها ز دردت بنالدهمى
تو ما را همى چاه كندى براه بسر لا جرم در فتادى بچاه
اگر بد كنى چشم نيكى مدار كه هرگز نيارد كژ انگور بار
وفى الحديث (إياكم والظلم فانه يخرب قلوبكم) وفى تخريب القلب تخريب سائر الجسد فالظالم يظلم على نفسه حيث يخرب أعضاءه الظاهرة والباطنة وعلى الله حيث يخرب بنيان الله ويغيره ويفسده ولانه إذا ظلم غيره وآذاه فقد ظلم على الله ورسوله وآذاه. والدليل عليه قوله عليه السلام (انا من الله والمؤمنون منى فمن آذى مؤمنا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى) ودخل فى الركون الى الظالمين المداهنة والرضى بأقوالهم وأعمالهم ومحبة مصاحبتهم ومعاشرتهم ومد العين الى زهرتهم الفانية وغبطتهم فيما أوتوا من القطوف الدانية والدعاء لهم بالبقاء وتعظيم ذكرهم وإصلاح دواتهم وقلمهم ودفع القلم او الكاغذ الى أيديهم والمشي خلفهم والتزيي بزيهم والتشبه بهم وخياطة ثيابهم وحلق رؤسهم. وقد امتنع بعض السلف عن رد جواب الظلمة فى السلام وقد سئل سفيان عن ظالم اشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شربة ماء فقال لا فقيل له يموت فقال دعه فانه اعانة للظالم وقال غيره يسقى الى ان يثوب الى نفسه ثم يعرض عنه وفى الحديث (العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فاذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم) فاذا علمت هذا فاعلم ان الواجب عليك ان تعتزل عنهم بحيث لا تراهم ولا يرونك إذ لا سلامة الا فيه وان لا تفتش عن أمورهم ولا تتقرب الى من هو من حاشيتهم ومتصل بهم من امامهم ومؤذنهم فضلا عن غيرهم من عمالهم وخدمهم ولا تتأسف على ما يفوت بسبب مفارقتهم وترك مصاحبتهم واذكر كثيرا قول رسول الله ﷺ (إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه فى الدين ثم اتى باب السلطان تملقا اليه وطمعا لما فى يديه خاض بقدر خطاه فى نار جهنم) والحديث كأنه مأخوذ من الآية فهما متطابقان معنى كما لا يخفى- وروى- ان الله تعالى اوحى الى يوشع بن نون انى مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال ما بال الأخيار فقال انهم لم يغضبوا لغضبى فكانوا يواكلونهم ويشاربونهم وبهذا تبين ان بغض الظلمة والغضب عليهم لله واجب وانما ظهر الفساد فى الرعايا وجميع أقطار الأرض برا وبحرا بفساد الملوك وذلك بفساد العلماء اولا إذ لولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك بل لو اتفق العلماء فى كل عصر على الحق ومنع الظلم مجتهدين فى ذلك

صفحة رقم 196

بشرائط ومربوط بالأسباب فى الصورة الظاهرة ولا تقيد تلك الشرائط والأسباب الا بالجذبة الالهية والدعوة الربانية فمن دعاه وأزال الموانع عن طريقه فقد وصل وإلا فقد انقطع دونه الطريق وبقي متحيرا مبهوتا

داد حق را قابليت شرط نيست بلكه شرط قابليت داد اوست
اللهم ارحمنا فان ذنوبنا قد جلت وحجبنا قد كثفت وحيلنا قد انقطعت وما بقي الا التوفيق منك والعفو والغفران واللطف والكرم والإحسان انك أنت المحسن فى كل زمان ومكان فَلَوْلا كانَ لولا بمعنى هلا وكان بمعنى وجد. والمعنى بالفارسية [پس چرا نبود] مِنَ الْقُرُونِ الهالكة الكائنة مِنْ قَبْلِكُمْ على رأى من جوز حذف الموصول مع بعض صلته او كائنة من قبلكم على ان يكون حالا وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم قال فى القاموس القرن مائة سنة وهو الأصح لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا) فعاش مائة سنة وكل امة هلكت فلم يبق منها أحد أُولُوا بَقِيَّةٍ اصحاب فضل وخير وسمى الفضل والجودة بقية على ان يكون الهاء للنقل كالذبيحة لان الرجل انما يستبقى مما يكسبه عادة أجوده وأفضله فصار مثلا فى الجودة والفضل يقال فلان من بقية القوم اى من خيارهم ومنه ما قيل فى الزوايا خبايا وفى الرجال بقايا يَنْهَوْنَ المفسدين نعت لا ولوا عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ الواقع منهم حسبما حكى عنهم ومعناه جحد اى لم يكن فيهم أولوا بقية ينهون حتى لا ينزل العذاب بهم إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ استثناء منقطع اى لكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد وهم اتباع الأنبياء وسائرهم تاركوا النهى. ومن فى ممن للبيان لا للتبعيض لان جميع الناجين ناهون وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا عطف على مضمر دل عليه الكلام اى لم ينهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا بمباشرة الفساد وترك النهى عنه فيكون العدول الى المظهر لادراج المباشرين معهم فى الحكم والتسجيل عليهم بالظلم وللاشعار بعلية ذلك لما حاق بهم من العذاب ما أُتْرِفُوا فِيهِ الإتراف الانعام من الترف وهو النعمة اى انعموا فيه من الشهوات واللذات وآثروها على امر الآخرة. ويقال أترفته النعمة اى أطغته. فالمعنى ما اطغوا فيه على ان يكون فيه للسببية والمراد هو الأموال والاملاك قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى يعنى اهتموا بكسبها وبذلوا وسعهم فى تحصيلها وجمعها واعرضوا عما وراءها. اما المباشرون فظاهر. واما المتساهلون فلما لهم فى ذلك من نيل حظوظهم الفاسدة وَكانُوا مُجْرِمِينَ عطف على اتبع وهذا بيان لسبب استئصال الأمم المهلكة وهو ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واتباع الشهوات وفى الحديث (ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على ان ينكروا فلا ينكرون فاذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة فكل قوم لم يكن فيهم آمر بالمعروف وناه عن المنكر من ارباب الصدق وهم مجتمعون على الفساد او لا يأتمرون بالأمر بالمعروف ولا ينتهون بالنهى عن المنكر فانهم هالكون) : قال السعدي

صفحة رقم 200
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
گرت نهى منكر برآيد ز دست نشايد چوبى دست و پايان نشست
بگو آنچهـ دانى سخن سودمند وگر هيچ كس را نيايد پسند