آيات من القرآن الكريم

وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية- يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم حتى أتى على آخر الآية، ألا وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أو شك الله أن يعمهم بعقابه، ألا وإنى سمعت رسول الله ﷺ يقول «إن الناس إذا رأوا المنكر بينهم فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه».
[سورة هود (١١) : الآيات ١١٤ الى ١١٥]
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥)
تفسير المفردات
طرف الشيء: الطائفة منه والنهاية، فطرفا النهار: الغدو والعشى. وروى عن الحسن وقتادة والضحاك أنهما صلاة الصبح والعصر، والزلف واحدها زلفة وهى الطائفة من أول الليل لقربها من النهار، وقال الحسن: هما زلفتان صلاة المغرب وصلاة العشاء، وذكرى: عبرة وعظة، وللذاكرين: أي المعتبرين المتعظين.
المعنى الجملي
بعد أن أمر رسوله بالاستقامة وعدم تجاوز ما رسمه الدين، وعدم الركون إلى أولى الظلم- أمره هنا بأفضل العبادات وأجلّ الفضائل التي يستعان بها على ما سلف.
الإيضاح
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) أي أدّها على الوجه القويم وأدمها فى طرفى النهار من كل يوم، وفى زلف من الليل، ونظير هذه الآية قوله فى سورة

صفحة رقم 94

طه «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى» والتسبيح عام يشمل الصلاة وغيرها.
والآية الصريحة فى أوقات الصلوات الخمس قوله تعالى «فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ» فالمساء ما بين الظهر والمغرب وهو صلاة العصر، وصلاة المغرب العشاء الأولى، وصلاة العتمة العشاء الآخرة التي يزول عندها الشفق وهو آخر أثر لنور النهار.
وخصت الصلاة بالذكر لأنها أس العبادات المغذّية للإيمان والمعينة على سائر الأعمال.
ثم بين فائدة الأمر السابق وحكمته فقال:
(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أي إن الأعمال الحسنة تكفر السيئات وتذهب المؤاخذة عنها، لما فيها من تزكية النفس وإصلاحها، فتمحو منها تأثير الأعمال السيئة فى النفس وإفسادها لها، والمراد بالحسنات ما يعم الأعمال الصالحة جميعا حتى ما كان منها تركا لسيئة كما قال تعالى «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً»
وجاء فى الحديث الشريف «وأتبع السيئة الحسنة تمحها»
والمراد بالسيئات الصغائر لأن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة بدليل ما
رواه مسلم «الصلوات الخمس كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر».
(ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أي إن فيما ذكر من الوصايا السابقة من الاستقامة والنهى عن الطغيان والركون إلى الذين ظلموا وإقامة الصلاة فى تلك الأوقات، لعبرة للمتعظين الذين يراقبون الله ولا ينسونه، وخصهم بالذكر لأنهم هم الذين ينتفعون بها.
(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) أي ووطّن نفسك على احتمال المشقة فى سبيل ما أمرت به، وما نهيت عنه فى هذه الوصايا وفى غيرها، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا بل يوفيه ثواب عمله من غير بخس له.
وفى الآية إيماء إلى أن الصبر من باب الإحسان.

صفحة رقم 95
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية