
إلى يوم القيامة. فإنه لا يعجل عليهم. ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾: أي: في الدنيا.
﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾: أي: وإن الذين كذبوا، لفي شك منه إنه من عند الله. ﴿مُرِيبٍ﴾: أي: " يريبهم، فلا يدرون أحق؟ أم باطل؟ ".
قوله: ﴿وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ﴾ - إلى قوله - ﴿ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾.
قرأ الزهري: " وإن كلاًّ " بالتشديد، لما " بالتنوين مشدداً أيضاً، وقرأ الأعمش: (" وإن كلا " بتخفيف " إنْ "، ورفع " كل " وتشديد " لما ". (وفي حرب أبي ": " وإن كلّ " إلا ليوفينَّ ربك أعمالهم ". وفي حرف ابن

مسعود: " وإن كل) إلا ليوفينهم ربك أعمالهم ". ومن شدَّدَ " إنَّ " نصب " كلاً " بها. واللامُ في " لَما " لام تأكيد. و " ما " صلة، هذا على قراءة التخفيف. والخبر في " ليوفينهم ".
والتقدير: وإن كلاً ليوفينهم. وقراءة من خفف إنْ، ونصب " كلا " على هذا التقدير، إلا أنه، خفف " إن " وأعملها كما يفعل الفعل، وهو محذوف منه.
وأنكر الكسائي التخفيف والعمل.
وقال الفراء: من خف " إن " نصب " كلاً " بقوله: " ليوفينهم، وهذا لا يجوز أن يعمل ما بعد اللام فيما قبلها. ومن شدد " إن " و " لما " فهي غير جائزة عند

المبرد، والكسائي.
قال المبرد: لا يجوز: " أن زيداً إلا لأضربنه ".
وقال الفراء: الأصل " لمن ما "، فاجتمعت ثلاث ميمات عند الإدغام، فحذفت إحداهن. وهذا لا يجوز عند البصريين.
وقال المازني: الأصل التخفيف في " لَما "، ثم ثقلت. وهذا أيضاً لا أصل له، (و) يجوز (تثقيل المخفف)، إلا لمعنى.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: الأصل " لما " بالتنوين، من لممته لمّا: أي: جمعته، ثم بني منه فَعْلى، كما قرأ: " تثرا، و " تثري ".

ومن خفف " إن "، وشدد " لما "، " فإن " بمعنى " ما "، و " لما " بمعنى " ألا " حكى ذلك الخليل، وسيبويه بمنزلة قوله: ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ [الطارق: ٤] أي: إلا عليها حافظ والقراءات الثلاث تكون فيها " إن " بمعنى " ما " لا غير.
وقد قيل: في قراءة من شدد " إنَّ " وخفف " لما ": إنَّ (ما) بمعنى: " من ". وإن المعنى: وإن كلا ﴿لَّمَّا﴾ ليوفينهم ربك أعمالهم، كما قال: ﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء﴾ [النساء: ٣]: أي: ما طاب لكم نكاحه.
وقوله: ﴿إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾: أي: " لا يخفى عليه شيء من عملكم ".
ثم قال تعالى: ﴿فاستقم كَمَآ أُمِرْتَ﴾: أي: دم يا محمد على ما أنت عليه.

﴿وَمَن تَابَ مَعَكَ﴾: أي: رجع إلى عبادة ربك، يدوم على ذلك. ﴿وَلاَ تَطْغَوْاْ﴾: أي: ولا تتعدوا أمره إلى ما نهاكم عنه.
﴿إِنَّهُ بِمَا (تَعْمَلُونَ) بَصِيرٌ﴾: أي: ذو علم، لا يخفى عليه شيء من عملكم. وقال سفيان: معنى ﴿فاستقم كَمَآ أُمِرْتَ﴾: أي: " استقم على القرآن "، ﴿وَلاَ تَطْغَوْاْ﴾: وقف.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تركنوا إِلَى الذين ظَلَمُواْ﴾. قرأ الأعمش ويحيى بن وثاب: " فتمسكم " بكسر التاء.
وقرأ قتادة: ولا تركُنوا بالضم في الكاف، يقال: رَكَنَ يركنُ، وركُنَ يركَنُ. قال ابن عباس: معناه: لا تذهبوا إلى الكفار.