آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ۚ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

فِي النَّارِ وَهَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ كَقَوْلِهِ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا [الْبَقَرَةِ: ١٥٠]، أَيْ:
وَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَأَخْرَجَهُمْ منها ولكنه لا يشاء لأنه حكم لهم بالخلود.
وقال الفراء: هذا استثناء [١] اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ وَلَا يَفْعَلُهُ كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّكَ إِلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ وَعَزِيمَتُكَ أَنْ تَضْرِبَهُ. إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ.
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ سُعِدُوا، بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، أَيْ:
رُزِقُوا السَّعَادَةَ، وَسُعِدَ وَأُسْعِدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ السِّينِ قِيَاسًا عَلَى شَقُوا [هود: ١٠٦].
فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ، قَالَ الضَّحَّاكُ: إِلَّا مَا مَكَثُوا فِي النَّارِ حَتَّى أُدْخِلُوا الْجَنَّةَ. قَالَ قَتَادَةُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِثُنْيَاهُ. عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ، أي: غير منقطع [٢]. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ:
أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالَّذِي يَشَاءُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ، وَلَمْ يُخْبِرْنَا بِالَّذِي يَشَاءُ لِأَهْلِ النَّارِ.
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى جَهَنَّمَ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَذَلِكَ بعد ما يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ. وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ إِنْ ثَبَتَ: أَنْ لَا يَبْقَى فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ. وَأَمَّا مواضع الكفار فممتلئة أبدا.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٠٩ الى ١١١]
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١)
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ، فِي شَكٍّ، مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ، أَنَّهُمْ ضُلَّالٌ، مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ، فِيهِ إِضْمَارٌ، أَيْ: كَمَا كَانَ يَعْبُدُ، آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ، حَظَّهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ. غَيْرَ مَنْقُوصٍ.
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ، التَّوْرَاةَ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَمِنْ مُصَدِّقٍ بِهِ وَمُكَذِّبٍ كَمَا فَعَلَ قَوْمُكَ بِالْقُرْآنِ، يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ، فِي تَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ، لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، أَيْ: لَعُذِّبُوا فِي الْحَالِ وَفُرِغَ مِنْ عَذَابِهِمْ وَإِهْلَاكِهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ، مُوقِعٍ فِي الرِّيبَةِ وَالتُّهْمَةِ.
وَإِنَّ كُلًّا، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّ كُلًّا، سَاكِنَةَ النُّونِ عَلَى تَخْفِيفِ إِنَّ الثَّقِيلَةِ، وَالْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا، لَمَّا شَدَّدَهَا هُنَا وَفِي يس وَالطَّارِقِ، ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ. ووافق أبو جعفر هاهنا، وفي الطارق والزخرف، بِالتَّشْدِيدِ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ، فَمَنْ شَدَّدَ [قَالَ: الْأَصْلُ فِيهِ وَإِنَّ كُلًّا لَمِنْ مَا، فَوُصِّلَتْ مِنَ الْجَارَّةُ بِمَا، فَانْقَلَبَتِ النُّونُ مِيمًا لِلْإِدْغَامِ، فَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُنَّ، فَبَقِيَتْ لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ، وما هاهنا بِمَعْنَى مَنْ، هُوَ اسْمٌ لِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ [النِّسَاءِ: ٣]، أَيْ: مَنْ طَابَ لَكُمْ، وَالْمَعْنَى: وَإِنَّ كُلًّا لَمِنْ جَمَاعَةٍ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ.
وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ قَالَ: مَا صِلَةٌ زِيدَتْ بَيْنَ اللَّامَيْنِ لِيُفْصَلَ بَيْنَهُمَا كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَالْمَعْنَى: وَإِنَّ

(١) في المخطوط «الاستثناء». [.....]
(٢) في المطبوع «المقطوع».

صفحة رقم 467
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية