
وروى معمر عنه قال: هذه كلمة عربية يقال: إذا وقع في أمر شديد هوت أمه (١). وهذا معنى القول الأول من قولي أهل المعاني، ويدل على صحة القول الأول (وهو الذي عليه المفسرون) (٢) ما روي في الحديث أن المؤمن إذا مات ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيسألونه (٣) ويقولون: ما فعل فلان، وفلان؟ حتى إذا سألوه عمن لم يأتهم ممن قد مات (فيقول: قد مات) (٤) أما جاءكم؟ فيقولون: لا، ذهب به إلى أمه الهاوية (٥).
ويدل أيضًا على صحته أن الله تعالى قد أخبر عنها فقال:
١٠ - (قوله) (٦): ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ﴾
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) في (أ)، (ع): (فيسلونه).
(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٥) أخرج النسائي بمعناه مطولاً، وقد إنفرد به من طريق أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا ٤/ ٣٠٦ ح ١٨٣٢ في الجنائز، والحاكم ٢/ ٥٣٣ عن الحسن مرفوعًا في التفسير، سورة القارعة، وقال: هذا حديث مرسل صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. كما ورد عند عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٣٩٢ من طريق معمر، عن أشعث بن عبد الله الأعمى.
وبنفس الطريق عند الطبري في "جامع البيان" ٣٠/ ٢٨٢، كما ورد عند القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٦٧ من طريق أبي هريرة، وإسناد عبد الرزاق في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٨٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٦٠٦ بطرق مختلفة، وفي "زاد المسير" ٨/ ٢٩٩ من غير ذكر الإسناد.
(٦) ساقط من (ع).

يعني الهاوية، و"الهاء" في "ما هيه" للوقف، فإذا وصل جاز حذفها (١)، والاختيار الوقف بـ"الهاء"، لاتباع المصحف، و"الهاء" ثابتة (٢) فيه (٣).
وذكرنا الكلام في هذه "الهاء" عند قوله: ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ [البقرة: ٢٥٩]، و ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]، ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ﴾ (٤).
ثم فسرها الله تعالى وأخبر عنها فقال:
﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ أي هي نار حامية، قال الكلبي (٥) ومقاتل (٦): حارة
"المبسوط" ص ٤١٤، و"حجة القراءات" ص ٧٧٠.
(٢) في (أ): (باقية).
(٣) ممن قال بالوقف: النحاس في "القطع والائتناف" ٢/ ٨١٦، والداني في "المكتفي في الوقف والابتداء" ص ٦٢٧.
انظر: "علل الوقوف" للسجاوندي ٣/ ١١٥٣، والأشموني في: "منار الهدى في بيان الوقف والابتداء" ص ٤٣٣، وأبي يحيى زكريا الأنصاري في: "المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء" ص ٤٣٣، وهو مذيل بكتاب الأشموني.
وقال النحاس: ويستحب الوقف على "هيه"، لأنه إن وصل بغير هاء خالف السواد، وإن وصل بالهاء لحن، فالوقف عليها أسلم، الوقف في الابتداء: ٢/ ٨١٦.
وعن السجاوندي -في بيان علة الوقف- قال لتمام الجملة. انظر "علل الوقوف" ٣/ ١١٥٣.
(٤) سورة الحاقة: ٢٨. وفي الكلام عن "الهاء" يراجع سورة الحاقة: ٢٨.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٤٩/ أ.

قد انتهى حرها. كقوله: ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤].
صفحة رقم 271