
أدعوكم إلى مثل ما أنا عليه.
قوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفلك وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ﴾ إلى قوله ﴿وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾:
والمعنى " فكذب نوحاً قومه فيما أخبركم به على الله تعالى من الرسالة ".
﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ﴾: أي: ممن آمن في الفلك، وهي السفينة.
﴿وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ﴾: أي: جعلنا من معه ممن حمل في النفس خلائف: أي: يخلفون من أهلك من قومه، وهو جمع خليفة.
﴿وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾: أي: بحُجَجِنا وأدلتنا.
فانظر يا محمد ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين﴾: الذين أنذرهم نوح. فكذبوه. فليحذر هؤلاء الذين كذبوا بك مثل ما نزل بقوم نوح.
قوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ﴾: أي: بعثنا بعد نوح كل رسول إلى قومه، ﴿فَجَآءُوهُمْ بالبينات﴾: وهي العلامات الواضحات الدالة على صدقه فيما

يقول: وما يدعو إليه.
﴿فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ - بذلك - كذلك نَطْبَعُ على قُلوبِ المعتدين﴾: أي: كما طبعنا على قلوب قوم نوح، كذلك نطبع على قلوب من اعتدى فتجاوز أمر ربه، وكفر به.
﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ موسى﴾: أي: من بعد الرسل التي بعثت من بعد نوح ﴿إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ﴾: أي: وأشراف قومه، فاستكبروا عن الإقرار بآياتنا ﴿وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ﴾: أي: آثمين بكفرهم.
﴿فَلَمَّا جَآءَهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا﴾: أي: جاءهم ما لا يشكون في أنه حق قالوا: إن الله الذي جئت به ﴿لَسِحْرٌ مُّبِينٌ﴾: ظاهر، قال لهم موسى: ﴿أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا﴾.
قال الأخفش: أسحر هذا: حكاية لقولهم.
وقيل: إن الألف دخلت، لأنهم تعجبوا، واستعظموا ما أتاهم به موسى،

فقالوا: أسحر هذا على الاستعظام، لا على الاستخبار.
وقيل: إن السحر من قوم موسى مُنْكر على فرعون وملته إذ قالوا: هذا سحرٌ. وفي الكلام حذف. والتقدير: قال موسى: ﴿أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا﴾: فقولهم محذوف دلَّ عليه قول موسى على طريق الإنكار لما قالوا: ﴿وَلاَ يُفْلِحُ / الساحرون﴾: أي: لا ينجحون.
﴿اأَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا﴾: أي: لتصرفنا، وقيل: لتلوينا.
وقيل: لتعدلنا. والمعنى متقارب.
﴿عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾: من عبادة الأصنام.
﴿وَتَكُونَ لَكُمَا الكبريآء﴾: أي: الملك وقيل: السلطان.
وقال الضحاك: الطاعة، وقيل: العظمة. والمعاني متقاربة. ﴿وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾: أي: بمصدقين أنكما رسولان لله تعالى.