آيات من القرآن الكريم

أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ

﴿وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾: أي: متى قيام الساعة التي تعدنا به يا محمد. فأمر الله تعالى أن يقول لهم: ﴿لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ الله﴾ أن أملكه فادفع عنها به الضر وأجلب إليها به النفع. فأنا إذا كنت لا أقدر على نفع نفسي، ولا أقدر على دفع الضر عنها (فأنا عن القدرة على الوصول إلى) علم الغيب، ومعرفة قيام الساعة (أعجز وأعجز إلا بمشيئته لي في ذلك).
﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ أي: لكل قوم ميقات لانقضاء مدتهم، لا يستأخرون عنه ساعة، ولا يتقدمونه بساعة. وذكرت الساعة لأنها أقل أسماء الأوقات، والوقت المقدر في انقضاء مدتهم: أقل من الساعة وأقرب.
قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً﴾ إلى قوله ﴿تَكْسِبُونَ﴾.
قوله: ﴿مِنْهُ المجرمون﴾ الهاء: تعود على العذاب، وقيل: على اسم الله تعالى.

صفحة رقم 3277

ويشهد لرجوعها على " العذاب " قوله: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب﴾ [الحج: ٤٧ والعنكبوت: ٥٣]، ويشهد لرجوعها على الله سبحانه قوله: ﴿بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ [المعارج: ١ - ٢]، فإذا جعلتها عائدة على " العذاب "، " فما " في موضع رفع بالابتداء، وإذا جعلتها بمعنى " الذي " خبر " ما " ويجوز أن تكون " ما " و " ذا " شيئاً واحداً في موضع رفع. والخبر في الجملة، وإن جعلت " الهاء " تعود على اسم الله سبحانه وجعلت " ما " و " ذا " اسماً واحداً كانت " ما " في موضع نصب بمستعجل والمعنى: أي شيء يستعجل من الله المجرمون، وإن جعلت " ما " اسماً، و " ذا " بمعنى " الذي " كانت كالأولى: ابتداء وخبر. وكون الهاء تعود على العذاب أحسن لقوله: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾. والمعنى: قل لهم يا محمد: أرأيتم إن أتاكم هذا الذي تستعجلون به من العذاب

صفحة رقم 3278

ليلاً أو نهاراً ما يستعجل من نزول العذاب المجرمون، وهم لا يقدرون على دفعه.
فمعنى الكلام: الإنكار عليهم لاستعجالهم بأمر، لا يقدرون على دفعه إذا حل بهم. ثم قال تعالى: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾.
قال الطبري: " أثم " بمعنى " هنالك " إذا وقع العذاب بكم آمنتم بالله تعالى. وليست عنده، ثم التي للعطف وهو غلط منه. وإنما التي تكون بمعنى " هنالك " هي المفتوحة / الثاء بمنزلة قوله: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً﴾ [الإنسان: ٢٠]. والتقدير عند غيره أنها " ثم " التي للعطف. وفي الكلام حذف. والتقدير: أتأمنون إذا نزل بكم العذاب، فتؤمنون ثم يقال لكم: الآن آمنتم، وقد كنتم تريدون استعجاله، وحلوله بكم، فلما عاينتم حلوله آمنتم حين لا ينفعكم الإيمان، وهو مثل قوله: ﴿فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ﴾ [غافر: ٨٤] إلى قوله ﴿بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٥]: أي: لم ينفعهم الإيمان

صفحة رقم 3279

عند معاينة العذاب. كذلك سنة الله تعالى في الكافرين لا يقيلهم من كفرهم عند معاينتهم العذاب.
و" آلآنَ " عند الفراء أصلها: أوان، ثم حذغت الهمزة الثانية منها، وقُلِبَتْ الواو ألفاً، ثم دخلت الألف واللام وبنيت على الفتح.
وقيل: أصلها " آن " مثل " حان " ثم دخلتها الأف واللام، وبقيت على فتحها مثل: " قيل، وقال ".
وقال الزجاج: لا يحسن هذا القول: لأنه لو كان كذلك لم تدخل عليه الألف واللام، كما لا تدخل على " قيل ".
وقال سيبويه: سبيل الألف واللام أن يدخلا لمَعْهُود، و " الآن ": ليس بمعهود، وإنما معناه: " نحن في هذا الوقت نفعل كذا، فلما تضمنت هذا بنيت على الفتح ".

صفحة رقم 3280
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية