آيات من القرآن الكريم

وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ

وَالْأَمْرُ بِالنَّظَرِ فِي عَاقِبَةِ الظَّالِمِينَ مَقْصُودٌ مِنْهُ قِيَاسُ أَمْثَالِهِمْ فِي التَّكْذِيبِ عَلَيْهِمْ فِي تَرَقُّبِ أَنْ يَحُلَّ بِهِمْ مِنَ الْمَصَائِبِ مِثْلُ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ لِتَعْلَمَ عَظَمَةَ مَا يُلَاقُونَكَ بِهِ مِنَ التَّكْذِيبِ فَلَا تَحْسَبَنَّ أَنَّهُمْ مُفْلِتُونَ مِنَ الْعَذَابِ. وَالنَّظَرُ هُنَا بَصَرِيٌّ.
وكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُجَرَّدَةً عَنِ الِاسْتِفْهَامِ، فَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِلْحَالَةِ وَالْكَيْفِيَّةِ، كَقَوْلِهِمْ: كُنْ كَيْفَ شِئْتَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ فِي سُورَةِ آل عمرَان [٦]. ف كَيْفَ مَفْعُولٌ بِهِ لفعل فَانْظُرْ، وَجُمْلَةُ: كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ صِفَةُ كَيْفَ. وَالْمَعْنَى انْظُرْ بِعَيْنِكَ حَالَةً صِفَتُهَا كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وَهِيَ حَالَةُ خَرَابِ مَنَازِلِهِمْ خَرَابًا نَشَأَ مِنِ اضْمِحْلَالِ أَهْلِهَا.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَيْفَ اسْمَ اسْتِفْهَامٍ، وَالْمَعْنَى فَانْظُرْ هَذَا السُّؤَالَ، أَيْ جَوَابَ السُّؤَالِ، أَيْ تَدَبَّرْهُ وَتَفَكَّرْ فِيهِ. وكَيْفَ خَبَرُ كانَ. وَفِعْلُ النَّظَرِ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ فِي مَفْعُولَيْهِ بِمَا فِي كَيْفَ مِنْ معنى الِاسْتِفْهَام.
[٤٠]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٤٠]
وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ [يُونُس: ٣٩] لِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ تَكْذِيبِهِمْ بِأَنَّهُ دُونَ الْإِحَاطَةِ بِعِلْمِ مَا كَذَّبُوا بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ تَكْذِيبَهُمْ بِهِ لَيْسَ عَنْ بَصِيرَةٍ وَتَأَمُّلٍ.
وَمَا كَانَ بِهَاتِهِ الْمَثَابَةِ كَانَ حَالُ الْمُكَذِّبِينَ فِيهِ مُتَفَاوِتًا حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى أَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا مَعَ اعْتِقَادِ نَفْيِ الْكَذِبِ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ جَاءَ مَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ عَقِبَ الْأُخْرَى مَوْقِعَ التَّخْصِيصِ لِلْعَامِّ فِي الظَّاهِرِ أَوِ الْبَيَانِ لِلْمُجْمَلِ مِنْ عَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِعِلْمِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ: بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ [يُونُس: ٣٩]. فَكَانَ حَالُهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ كَحَالِهِمْ فِي اتِّبَاعِ الْأَصْنَامِ إِذْ قَالَ فِيهِمْ: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا [يُونُس: ٣٦]،

صفحة رقم 174
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية