آيات من القرآن الكريم

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

وهذا ضربٌ آخر من الحُجّة أقامه الله تعالى دليلاً على توحيده وبطلان الاشراك به، وقد جاء بطريق السؤال للتوبيخ وإلزام الخصم بالحجة.
﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق﴾.
ايها الرسول، قل لهؤلاء المشركين: هل من هؤلاء الذين عبدتموهم من يستطيع التمييز بين الهدى والضلال، فيرشده سواه الى السبيل الحق؟ إن الله وحده يفعل ذلك.
﴿أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى﴾.
هل القادرُ على الهداية الى الحق أَولى بالاتباع والعبادة أم الذي لا يستطيع ان يهتدي في نفسه، ولا يهدي غيره الا اذا هداه الله!!
﴿فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.
ما الذي جعلكم تنحرفون حتى أشركتم هذه الأصنامَ وغيرها في العبادة مع الله! كيف تحكمون بجواز عبادتهم وشفاعتهم عنده وتؤمنون بالخرافات، رغم الادلة الواضحة على فسادها!
قراءات:
كلمة يهدي: جاءت ثلاثة مرات «يَهدي» بفتح الياء وسكون الهاء وكسر الدال، والرابعة: «أمّن لا يهدِّي» بفتح الياء وكسر الهاء والدال المشددة. وهذه قراءة حفص ويعقوب كما هي بالمصحف ومعناها يهتدي.
وقرأ ابن كثير وورش عن نافع عامر: «يهدي» بفتح الياء والهاء وتشديد الدال. وقرأ ابو بكر: «يهدي» بكسر الياء والهاء وتشديد الدال.
﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً﴾.
وما يتبع أكثرُ المشركين في متعقداتهم الا ظنّاً لا دليل عليه، والظنّ لا يفيد ولا يغني عن العلم الحق اي شيء.
﴿إِنَّ الله عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾.
ان الله عليم بما يفعله رؤساء الكفر وأتباعهم وسيجازيهم على ذلك.
وفي هذا تهديد لكل من يتبع الظن في أمرٍ من أمور الدين.
﴿وَمَا كَانَ هذا القرآن أَن يفترى مِن دُونِ الله ولكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾.
لايصحُّ ولا يُعقل ان يفتريَ هذا القرآنَ أحد، لأنه في إعجازه وأحكامه لا يمكن ان يكون من عند غير الله، لما فيه من علوم عالية، وحِكم سامية، وتشريعٍ عادل، وآداب اجتماعية وإنباء بالغيب من الماضي والمستقبل، وإنما هو مصدّقٌ لما سبقه من الكتب السماوية، فيما جاءت به من الحق.
﴿وَتَفْصِيلَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العالمين﴾.
وهو مفصِّلٌ وموضِّح لما كُتب وسَبَق من الكتب السماوية، فهو لا شك منزلٌ من عند الله رب العالمين.
هكذا بيّن الله تعالى أنّ القرآن أجلُّ من أن يُفترى، لِعجزِ الخلْق عن الإتيان بمثله، ثم انتقلَ إلى حكاية زعْمِ المعاندِين المشركين الذين قالوا: إن محمّدا قد افتراه فقال:
﴿أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.

صفحة رقم 191

بل يقول هؤلاء المشركون: إن محمّداً اختلقَ هذا القرآنَ من عنده، فقل لم ايها الرسول: إن كانت هذا القرآنُ من عملِ البشَر، فأُتوا أنتم بسورةٍ واحدة مماثلةٍ له، واستعينوا على ذلك بمن تشاءون من دونِ الله، إن كتنم صادقين فيما تزعمون.
وهذا التحدي قائم الى الآن، وقد عجَزَ عنه الأوّلون الآخرون، وسيظل ثابتا الى أبد الآبدين.
﴿بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ﴾.
لقد سارَعوا الى تكذيبه من غير أن يتدبّروا ما فيه، أو يقفوا على ما احتوى عليه من الأدلة والبراهين والحقائق.
﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظالمين﴾.
وبمثل هذه الطريقة في التكذيب من غير علم، كذَّب الذين قبلهم من مشركي الامم رسلَهم بما لم يحيطوا بعلمه قبل ان يأيتهم تاويله، فانظر ايها الرسول الكريم كف كيف كان عاقبة الظالمين، وما آل اليه أمر المكذبين السابقين كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم.
بعد ان بين الله ان المشركين كذّبوا بالقرآن قبل ان يأتيهم تأويله أو يحيطوا بعلمه - ذكر هنا كيف يكون حالُهم بعد ان يأتيهم التأويل، اذ سينقسمون فريقين: فريق يؤمن به وفريق يستمر على كفره وعناده.

صفحة رقم 192
تيسير التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
إبراهيم القطان
عدد الأجزاء
1