آيات من القرآن الكريم

وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ

(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)
السلام هو الأمن الذي لَا انزعاج فيه، وفيه الأمن من الفناء وعوامله من الآفات، وقد قال الحسن البصري - رضي اللَّه عنه - إن السلام لَا ينقطع عن أهل الجنة كما قال عزَّ من قائل: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ...).
وقد قال بعض الصوفية: " يا ابن آدم دعاك اللَّه إلى دار السلام فانظر من أين تجيبه، فإن أجبته في دنياك دخلتها وإن أجبته في قبرك مُنِعْتَها ".
ودعوة اللَّه إلى دار السلام هي ما يدعو إليه من الإيمان به وباليوم الآخر وبما جاء من تكليف على ألسنة الرسل الكرام فإن ذلك هو السبيل إليها، وإن الدعوة إلى دار السلام تعم كل الناس، لأن الباب إلى الجنة مفتوح لهم جميعا، وهنا يتبين من اهتدى وأجاب الداعي ممن ضل وأصم أذنيه عن الحق، وقد ذكر سبحانه وتعالى من اهتدى، أي سلك سبيل الهداية فأخذه إليها وهداه الصراط الموصل إلى

صفحة رقم 3551

الحق من أقرب الطرق، ولذا قال سبحانه: (يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) والصراط هو الطريق المستقيم الموصل إلى الجزاء الحق وهو طريق اللَّه تعالى؛ ولذا قال سبحانه: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ...).
فسبيله خط مستقيم هادٍ مرشد إلى الحق الذي لَا ريب فيه، والسبل الأخرى هي مسارات الشيطان ومضطَّرب أهوائه.
وهنا أمران يجب الإشارة إليهما:
أولهما - أن اللَّه تعالى نسب إلى ذاته الدعوة إلى دار السلام، وهي الجنة دار الأمن الباقية التي لَا إزعاج فيها ولا عذاب.
ثانيهما - أن اللَّه تعالى يهدي من يشاء، وأن من سلك طريق الهداية أوصله إليها، ومن سلك طريق الضلالة سار إلى الضلال البعيد.
لم يذكر اللَّه سبحانه وتعالى أنه يشاء الضلالة لعباده، بل هم الذين يسيرون فيها، وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى هداية الذين استجابوا لله ولرسوله ذكر جزاءهم.

صفحة رقم 3552
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية