تفسير سورة الفاتحة

تفسير ابن أبي حاتم

تفسير سورة سورة الفاتحة من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم.
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ
[سورة] فاتحة الكتاب
تفسير قوله: بسم الله
[الوجه الأول]
١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ- يَعْنِي أَبَا كُرَيْبٍ- الهمداني، ثنا عثمان بْنُ سَعِيدٍ- يَعْنِي الزَّيَّاتَ- الْكُوفِيَّ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضحاك، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ. يَقُولُ: اقْرَأْ بِذِكْرِ رَبِّكَ، قُمْ وَاقْعُدْ بِذِكْرِهِ «١».
وَالوجه الثَّانِي:
٢ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن ابْنَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، ثنا أَبِي، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ قَالَ: الْبَاءُ مِنْ بَهَاءِ اللَّهِ وَالسِّينُ مِنْ سَنَاءِ اللَّهِ وَالْمِيمُ مِنْ مُلْكِ اللَّهِ. وَاللَّهُ: يَا إِلَهَ الْخَلْقِ «٢».
٣ - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلانِيُّ، ثنا آدَمُ، ثنا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ، ثنا حَيَّانُ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ قَالَ: اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ. أَلا تَرَى أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ كُلِّ اسْمٍ «٣».
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الرَّحْمَنِ
٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ- يَعْنِي أَبَا كُرَيْبٍ- الْهَمْدَانِيَّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ- يَعْنِي الزَّيَّاتَ- الْكُوفِيَّ ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلى مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ قُلْ يَا مُحَمَّدُ بِسْمِ اللَّهِ. يَقُولُ: اقْرَأْ بِذِكْرِ رَبِّكَ وَقُمْ وَاقْعُدْ بِذِكْرِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنُ، قَالَ يَقُولُ: الرَّحْمَنُ: الْفَعْلانُ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ مِنْ كَلامِ الْعَرَبِ.
٥ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا جَعْفَرِ بْنِ مُسَافِرٍ ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا سَلامُ بْنُ وَهْبٍ الْجَنَدِيُّ ثنا أَبِي عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ اللَّهِ إِلا كَمَا بَيْنَ سَوَادِ الْعَيْنَيْنِ وَبَيَاضِهِمَا مِنَ القرب.
(١). قال ابن كثير: هذا الأثر غريب، وإنما ذكرناه ليعرف فإن في إسناده ضعفا ١/ ٢٩.
(٢). قال ابن كثير: هذا غريب جدا ١/ ٣٣. [.....]
(٣). فضائل القرآن لابن الضريس ص ١٣٩.
قَوْلُهُ: الرَّحِيمِ
٦ - حَدَّثَنَا ابْنُ طَاهِرٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ- يَعْنِي أَبَا كُرَيْبٍ الهمداني- ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ- يَعْنِي الزَّيَّاتَ- ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يَقُولُ: الرَّحِيمِ: الرَّقِيقُ الرَّفِيقُ لِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْحَمَهُ، الْبَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعَنِّفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ.
٧ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي، أَبُو الأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الرَّحْمَنِ اسْمٌ لَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ يَنْتَحِلُوهُ، تَسَمَّى بِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْحَمْدُ لله
[الوجه الأول]
٨ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ الشُّكْرِ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: شَكَرَنِي عَبْدِي.
٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ- يَعْنِي أَبَا كُرَيْبٍ- ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ- يَعْنِي الزَّيَّاتَ- ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ الشُّكْرُ لِلَّهِ، الاسْتِجْدَاءُ لِلَّهِ، وَالإِقْرَارُ لَهُ بِنِعَمِهِ وَابْتِدَائِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
١٠ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا وُهَبٌ ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ السَّلُولِيِّ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
١١ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْفَارِسِيُّ، ثنا بَزِيعٌ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- يعْنِي أَبَا بَسْطامٍ- عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: الْحَمْدُ رِدَاءُ الرَّحْمَنِ.
26
الْوَجْهُ الرَّابِعُ:
١٢ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ ثنا حَفْصٌ عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْنَا سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَذَا رَوَاهُ أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، عَنْ حَفْصٍ.
١٣ - وَحَدَّثَنَا بِهِ الأَشَجُّ فَقَالَ: ثنا حَفْصٌ. وَخَالَفَهُ فِيهِ، فَقال فِيهِ: قَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا سُبْحَانَ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةٌ أَحَبَّهَا لِنَفْسِهِ، وَرَضِيَهَا لِنَفْسِهِ، وَأَحَبَّ أَنْ تُقَالَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبِّ الْعَالَمِينَ
[الوجه الأول]
١٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ العلا- يعني- أبا كريب- ثنا عثمان ابن سَعِيدٍ- يَعْنِي الزَّيَّاتَ- ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَهُ الْخَلْقُ كُلُّهُ، السَّمَاوَاتُ كُلُّهُنَّ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَالأَرْضُونَ كُلُّهُنَّ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَمَا بَيْنَهُنَّ مِمَّا يُعْلَمُ وَمِمَّا لَا يُعْلَمُ.
وَالوجه الثَّانِي:
١٥ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: الإِنْسُ عَالَمٌ، وَالْجِنُّ عَالَمٌ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ عَالَمٍ، أَوْ أَرْبَعَةَ عَشَر أَلْفَ عَالَمٍ، مِنَ الْمَلائِكَةِ عَلَى الأَرْضِ. وَالأَرْضُ أَرْبَعُ زَوَايَا، فَفِي كُلِّ زَاوِيَةٍ ثَلاثَةُ آلافِ عَالَمٍ، وَخَمْسُمِائَةِ عَالَمٍ خَلقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ.
١٦ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا الْفُرَاتُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُعتب «١» بْنِ سُمَيٍّ، عَنْ تَبِيعٍ، فِي قَوْلِهِ: رَبِّ الْعَالِمِينَ، قَالَ: الْعَالَمِينَ أَلْفُ أُمَّةٍ، فَسُتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ، وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ.
١٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ: مَا وَصَفَ من خلقه.
(١). ابن كثير ١/ ٣٩.
27
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
أن العالمين: الْجِنُّ وَالْإِنْسُ. فَقَطْ.
١٨ - حَدَّثَنَا، أَبِي، ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلُهُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ: الْجِنُّ وَالإِنْسُ- وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ- وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ مثله.
قوله الرحمن
[الوجه الأول]
١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عَنْبَسَةَ قَاضِي الرِّيِّ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ اللَّهُ: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: مَدَحَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي «١».
الْوَجْهُ الثَّانِي:
٢٠ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمِنَ الْعَرْزَمِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ جُوَيبرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ: الرَّحْمَنِ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ، وَالرَّحِيمِ بِالْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
٢١ - حُدِّثْتُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ التَّمِيمِيُّ فِي قَوْلِهِ: الرَّحْمِنَ الرَّحِيمِ قَالَ: هُمَا رَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الآخَرِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ:
٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الرَّحْمَنِ اسْمٌ لا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ يَنْتَحِلُوهُ «٢».
(١). قال ابن كثير: غريب من هذا الوجه ١/ ٢٥.
(٢). في الأصل: ينتحلونه، والتصحيح من ابن كثير ١/ ٣٧.
قَوْلُهُ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
٢٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ المقري ثنا سُفْيَانُ عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَتَبْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ: فَوَّضَ عَبْدِي وَأَثْنَى عَلَيَّ.
٢٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ يَعْنِي أَبَا كُرَيْبٍ- ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الزَّيَّاتُ ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يَقُولُ: لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَهُ حُكْمًا كَمُلْكِهِمْ فِي الدُّنْيَا.
قَوْلُهُ: يَوْمِ الدِّينِ
٢٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ بِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يَوْمِ الدِّينِ قَالَ: الدِّينُ يَوْمُ حِسَابِ الْخَلائِقِ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُدِينُهُمْ بَأَعْمَالِهِمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شر شرا إِلا مَنْ عَفَا عَنْهُ.
٢٦ - حَدَّثَنَا، أَبِي ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ فِي قَوْلِ اللَّهِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ: يَوْمُ الْجَزَاءِ.
قَوْلُهُ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ
٢٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، وَهُوَ جِمَاعُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ. يَعْنِي إِيَّاكَ نُوَحِّدُ وَنَخَافُ وَنَرْجُو يَا رَبَّنَا لَا غَيْرَكَ.
٢٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَطَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ دَلَّ عَلى نَفْسِهِ أَنَّهُ كَذَا فَقُولُوا.
٢٩ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ: يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ، وَأَنْ تَسْتَعِينُوهُ عَلَى أَمَرَكُمْ.
قوله: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
٣٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ: عَلَى طَاعَتِكَ وَعَلَى أُمُورِنَا كُلِّهَا.
قوله: اهْدِنَا
٣١ - بِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: اهْدِنَا يَقُولُ: ألهمنا.
قوله: الصراط المستقيم
[الوجه الأول]
٣٢ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ أَخِي الحرث الأَعْوَرِ، عَنِ الْحَارِثِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ «١».
وَالْوَجْهُ الثَّانِي:
٣٣ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَالصِّرَاطُ الإِسْلامُ «٢».
وَالوجه الثَّالِثُ:
٣٤ - حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، أنبأ حمزة ابن الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالَ: هُوَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَاهُ مِنْ بَعْدِهِ. قَالَ عَاصِمٌ: فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلْحَسَنِ فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَنَصَحَ».
وَالوجه الرَّابِعُ:
٣٥ - ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالَ: الْحَقَّ.
٣٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الزَّيَّاتُ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ثنا أَبُو رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ يَقُولُ: أَلْهِمْنَا دِينَكَ الْحَقَّ، وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له «٤».
(١). قال ابن كثير: «وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين على رضى الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح، على أنه قد روى له شاهد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ١/ ٤٢.
(٢). قَالَ ابن كثير: وهو إسناد حسن صحيح ١/ ٤٣.
(٣). الحاكم ٢/ ٢٥٩- كتاب التفسير عن ابن عباس، صححه، وراجعه الذهبي.
(٤). قال ابن كثير: وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة فإن من اتبع النبي ﷺ واقتدى بالذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتبع الحق، ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن ١/ ٤٣.
قوله: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
٣٧ - بِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يَقُولُ: طَرِيقَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْعَمْتَ عليهم
[الوجه الأول]
٣٨ - وَبِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يَقُولُ: الْمَلائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ الَّذِينَ أَطَاعُونِي وَعَبَدُونِي.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي
٣٩ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ قَالَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ.
قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
٤٠ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمِصْرِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، ثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ: الْيَهُودُ، وَلا الضَّالِّينَ: النَّصَارَى. قَالَ أَبُو سعيد: وَلا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذَا الْحَرْفِ اخْتِلافًا «١».
قوله تَعَالَى: وَلا الضَّالِّينَ
٤١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ الْحَارِثِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيُّ، أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالنَّصَارَى ضُلالٌ.
٤٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، ثنا أَبُو رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: وغير طريق الظالمين، وَهُمُ النَّصَارَى الَّذِينَ أَضَلَّهُمُ اللَّهُ بِعِزِّيَّتِهِمْ عَلَيْهِ، يَقُولُ: فَأَلْهِمْنَا دِينَكَ الْحَقَّ، وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ حَتَّى لَا تَغْضَبَ عَلَيْنَا كَمَا غَضِبْتَ عَلَى الْيَهُودِ، وَلا تُضِلَّنَا كَمَا أَضْلَلْتَ النَّصَارَى فَتُعَذِّبَنَا كَمَا تُعَذِّبُهُمْ. يَقُولُ: امْنَعْنَا مِنْ ذَلِكَ بِرِفْقِكَ وَرَحْمَتِكَ وَرِقَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلا أَعْلَمُ فِي هَذَا الحرف اختلافا بين المفسرين.
(١). الترمذي ٨/ ١٥٣.
سورة الفاتحة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الفاتحةِ) أعظمُ سورةٍ في القرآن الكريم، خصَّ الله بها نبيَّه ﷺ من دون الأنبياء، فلم يُؤتَها أحدٌ قبلَه، وهي من أوائل السُّور التي نزلت في مكَّةَ المكرَّمة، وهي (القرآنُ العظيمُ) الذي أُوتيَهُ النبيُّ ﷺ، بها افتُتح الكتاب؛ ولهذا سُمِّيت بـ(الفاتحةِ)، وقد حُقَّ لها أن تكونَ فاتحةً لهذا الكتاب العظيم؛ فقد اشتملت على مقاصدِ الدِّين، وعلى كلِّ أنواع التوحيد (الرُّبوبية، والألوهية، والأسماء والصفات)؛ فجاءت أُمًّا للكتاب، وأصلًا له، وجامعةً لمقاصدِه. ولعظيمِ شأنها، وعظيم ما اشتملت عليه؛ فإنه يُفترض على كُلِّ مسلمٍ أن يقرَأَها كُلَّ يومٍ (17) مرةً في الصلوات المفروضات؛ فلا تصحُّ صلاةُ عبدٍ إلا بها، وكان ﷺ يقطِّعُها آيةً آية؛ وهذا أدعى للتدبُّر.

ترتيبها المصحفي
1
نوعها
مكية
ألفاظها
29
ترتيب نزولها
5
العد المدني الأول
7
العد المدني الأخير
7
العد البصري
7
العد الكوفي
7
العد الشامي
7

أُطلِقَ على هذه السُّورةِ الكريمة أسماءٌ كثيرة؛ منها:

* (الفاتحةُ)، أو (فاتحة الكتاب):

دلَّ على ذلك حديثُ ابن عباس رضي الله عنهما: أن جِبْريلَ قال للنبي ﷺ: «أبشِرْ بنُورَينِ أُوتِيتَهما، لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلك: فاتحةِ الكتابِ، وخواتيمِ سورةِ البقرةِ، لن تَقرأ بحرفٍ منهما إلَّا أُعطِيتَه». أخرجه مسلم (806).

* (أمُّ الكتاب)، أو (أمُّ القرآن):

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه: «{اْلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ}: أمُّ القرآنِ، وأمُّ الكتابِ، والسَّبْعُ المَثَاني». أخرجه أبو داود (١٤٥٧).

* (السَّبْعُ المَثَاني):

دلَّ على ذلك حديثُ النبي ﷺ، قالَ: «{اْلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ}: هي السَّبْعُ المَثَاني والقُرْآنُ العظيمُ الذي أُوتِيتُهُ». أخرجه البخاري (٤٤٧٤).

* سورة (الصَّلاة):

فعن رسولِ الله ﷺ أنه قال: «قال اللهُ تعالى: قسَمْتُ الصلاةَ بَيْني وبين عبدي نِصْفَينِ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبدُ: {اْلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ}، قال اللهُ تعالى: حَمِدَني عبدي، وإذا قال: {اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ}، قال اللهُ تعالى: أثنَى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَٰلِكِ يَوْمِ اْلدِّينِ}، قال: مجَّدني عبدي، (وقال مرَّةً: فوَّض إليَّ عبدي)، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اْهْدِنَا اْلصِّرَٰطَ اْلْمُسْتَقِيمَ ٦ صِرَٰطَ اْلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ اْلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا اْلضَّآلِّينَ} [الفاتحة: 6-7]، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سألَ». أخرجه مسلم (395).

* سورة (الرُّقْية):

دلَّ عليه حديثُ النبي ﷺ أنه قال: «وما أدراكَ أنَّها رُقْيَةٌ؟! خُذوها، واضرِبوا لي بسَهْمٍ». أخرجه البخاري (5736).

وثمَّةَ أسماءٌ أخرى، أوصلها السيوطيُّ إلى (25) اسمًا. ينظر: "الإتقان في علوم القرآن" (1 /52، 53).

* أفضَلُ سورةٍ في القرآن الكريم:

فعن أبي سعيدِ بن المعلَّى رضي الله عنه، قال: «كنتُ أُصلِّي في المسجدِ، فدعاني رسولُ اللهِ ﷺ، فلم أُجِبْهُ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي كنتُ أُصلِّي، فقال: «ألَمْ يقُلِ اللهُ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ اْسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْۖ} [الأنفال: 24]»، ثم قال لي: «لأُعلِّمَنَّك سورةً هي أعظَمُ السُّوَرِ في القرآنِ قبل أن تخرُجَ مِن المسجدِ»، ثم أخَذ بيدي، فلمَّا أراد أن يخرُجَ، قلتُ له: ألَمْ تقُلْ: لأُعلِّمَنَّك سورةً هي أعظَمُ سورةٍ في القرآنِ؟! قال: «{اْلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ}؛ هي السَّبْعُ المَثَاني والقرآنُ العظيمُ الذي أُوتيتُه»». أخرجه البخاري (٤٤٧٤).

* خُصَّ بها النبيُّ ﷺ دون غيرِه من الأنبياء:

لِما رواه ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما، قال: «بينما جِبْريلُ قاعدٌ عند النبيِّ ﷺ، سَمِع نَقِيضًا مِن فوقِه، فرفَع رأسَه، فقال: هذا بابٌ مِن السماءِ فُتِح اليومَ، لم يُفتَحْ قطُّ إلا اليومَ، فنزَل منه ملَكٌ، فقال: هذا ملَكٌ نزَل إلى الأرضِ، لم يَنزِلْ قطُّ إلا اليومَ، فسلَّم، وقال: أبشِرْ بنُورَينِ أُوتيتَهما، لم يؤتَهما نبيٌّ قبلك: فاتحةِ الكتابِ، وخواتيمِ سورةِ البقرةِ، لن تقرأَ بحرفٍ منهما إلا أُعطيتَهُ». أخرجه مسلم (806).

* لا تصحُّ الصلاةُ إلا بها:

لِما جاء عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «مَن صلَّى صلاةً لم يَقرأْ فيها بأُمِّ القرآنِ، فهي خِدَاجٌ - ثلاثًا - غيرُ تمامٍ»، فقيل لأبي هُرَيرةَ: إنَّا نكونُ وراءَ الإمامِ؟ فقال: اقرَأْ بها في نفسِك؛ فإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «قال اللهُ تعالى: قسَمْتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نِصْفَينِ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبدُ: {اْلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ}، قال اللهُ تعالى: حَمِدني عبدي، وإذا قال: {اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ}، قال اللهُ تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَٰلِكِ يَوْمِ اْلدِّينِ}، قال: مجَّدني عبدي، (وقال مرَّةً: فوَّض إليَّ عبدي)، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اْهْدِنَا اْلصِّرَٰطَ اْلْمُسْتَقِيمَ ٦ صِرَٰطَ اْلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ اْلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا اْلضَّآلِّينَ}، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل». أخرجه مسلم (395).

* مِن أعظَمِ ما يَرقِي به المؤمنُ نفسَه سورةُ (الفاتحة):

فعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ: «أنَّ ناسًا مِن أصحابِ النبيِّ ﷺ أتَوْا على حيٍّ مِن أحياءِ العرَبِ، فلم يَقْرُوهم، فبينما هم كذلك، إذ لُدِغَ سيِّدُ أولئك، فقالوا: هل معكم مِن دواءٍ أو راقٍ؟ فقالوا: إنَّكم لم تَقْرُونا، ولا نفعلُ حتى تَجعَلوا لنا جُعْلًا! فجعَلوا لهم قطيعًا مِن الشَّاءِ، فجعَلَ يقرأُ بـ(أمِّ القرآنِ)، ويَجمَعُ بُزاقَهُ ويتفُلُ، فبرَأَ، فأتَوْا بالشَّاءِ، فقالوا: لا نأخذُه حتى نسألَ النبيَّ ﷺ، فسألوه، فضَحِكَ، وقال: «وما أدراك أنَّها رُقْيةٌ؟! خُذوها، واضرِبوا لي بسَهْمٍ»». أخرجه البخاري (5736).

* تعلَّقتْ هذه السُّورةُ بشكلٍ يومي بقراءة النبيِّ ﷺ في صلواته:

فقد كان يقطِّعُ آياتِها آيةً آية؛ كما وصَفتْ لنا أمُّ سلمةَ رضي الله عنها قراءةَ النبي ﷺ، فقالت: «قراءةُ رسولِ اللَّهِ ﷺ: {بِسْمِ اْللَّهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ ١ اْلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٢ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ ٣ مَٰلِكِ يَوْمِ اْلدِّينِ}؛ يقطِّعُ قراءتَهُ آيةً آيةً». أخرجه أبو داود (٤٠٠١).

اشتمَلتْ هذه السُّورةُ على عدَّةِ موضوعات هي أصولٌ عظيمة للقرآن الكريم، ملخِّصةٌ لِما فيه؛ بيانها كما يلي:

أولًا: الألوهيَّة.

ثانيًا: اليوم الآخر.

ثالثًا: توحيد العبادة، والاستعانةِ بالله وحدَه (توحيد الرُّبوبية).

رابعًا: الهداية إلى الصراط المستقيم، والالتزام به، وبيان هذا الصراط.

وفي ذلك يقول السعديُّ - رحمه الله -: «فقد تضمَّنتْ - أي الفاتحةُ - أنواعَ التَّوحيد الثَّلاثة:

توحيد الرُّبوبية؛ يؤخذ من قوله: {رَبِّ اْلْعَٰلَمِينَ}.

وتوحيد الألوهيَّة: وهو إفرادُ الله بالعبادة؛ يؤخذ من لفظ: {اْللَّهِ}، ومِن قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.

وتوحيد الأسماء والصفات: وهو إثباتُ صفات الكمال لله تعالى، التي أثبَتها لنفسه، وأثبتها له رسولُه ﷺ؛ مِن غير تعطيلٍ، ولا تمثيل، ولا تشبيه؛ وقد دل على ذلك: لفظُ: {اْلْحَمْدُ}.

وإثباتَ الجزاء على الأعمال في قوله: {مَٰلِكِ يَوْمِ اْلدِّينِ}، وأنَّ الجزاءَ يكون بالعدل.

وتضمَّنتْ إخلاصَ الدِّين لله تعالى - عبادةً واستعانة - في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

وتضمَّنتْ إثباتَ النُّبوة في قوله: {اْهْدِنَا اْلصِّرَٰطَ اْلْمُسْتَقِيمَ}؛ لأن ذلك ممتنِعٌ بدون الرسالة.

وتضمَّنتْ إثباتَ القَدَر، وأن العبد فاعلٌ حقيقةً.

وتضمَّنتِ الردَّ على جميع أهل البِدَع والضَّلال في قوله: {اْهْدِنَا اْلصِّرَٰطَ اْلْمُسْتَقِيمَ}؛ لأنه معرفةُ الحقِّ، والعملُ به، وكلُّ مبتدِع وضالٍّ فهو مخالِف لذلك». "تيسير الكريم الرَّحمن" للسعدي (ص17).

بسببِ ما لهذه السورةِ من فضائلَ عظيمة، جاءت مقاصدُها جامعةً لأمور الدِّين كلِّه؛ فكانت مقاصدُها على النحو الآتي:

أولًا: الثناء على الله ثناءً جامعًا لوصفِه بجميع المحامد، وتنزيهِه عن جميع النقائص؛ وهذا يدلُّ على توحيد الألوهية، ويدل على تفرُّده بالإلهية، وإثباتِ البعث والجزاء؛ وذلك من قوله: {اْلْحَمْدُ لِلَّهِ} إلى قوله: {مَٰلِكِ يَوْمِ اْلدِّينِ}.

ثانيًا: الأوامرُ والنَّواهي؛ من قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}؛ وفي هذا توحيدُ الرُّبوبية والعبادة.

ثالثًا: الوعدُ والوعيد؛ من قوله: {صِرَٰطَ اْلَّذِينَ} إلى آخرها.

فهذه هي أنواعُ مقاصدِ القرآن كلِّه، وغيرُها تكملاتٌ لها؛ لأن القصدَ من القرآن إبلاغُ مقاصدِه الأصلية؛ وهي: صلاحُ الدارَينِ؛ وذلك يحصُلُ بالأوامر والنَّواهي.

ولمَّا توقَّفتِ الأوامرُ والنَّواهي على معرفة الآمِرِ، وأنه اللهُ الواجبُ وجودُه خالقُ الخَلق: لَزِم تحقيقُ معنى الصفات.

ولمَّا توقَّف تمامُ الامتثال على الرجاءِ في الثواب، والخوف من العقاب: لَزِم تحقُّقُ الوعد والوعيد.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (1 /133).