ولذلك كان الإيجاز عمودَ بلاغتهم؛ لاعتماد المتكلمين على أفهام السامعين، كما يقال: =لمحة دالة+ لأجل ذلك كثر في كلامهم: المجاز، والاستعارة، والتمثيل، والكناية، والتعريض، والاشتراك والتسامح في الاستعمال كالمبالغة، والاستطراد ومستتبعات التراكيب، والأمثال، والتلميح، والتمليح، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار، ونحو ذلك. ١/٩٣
٢_ وملاك ذلك كله توفير المعاني، وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها؛ ليسهل اعتلاقها بالأذهان.
وإذ قد كان القرآن وحياً من العلام _ سبحانه _ وقد أراد أن يجعله آية على صدق رسوله، وتحدى بلغاء العرب بمعارضة أقصر سورة منه _كما سيأتي في المقدمة العاشرة_ فقد نُسِجَ نَظْمُه نسجاً بالغاً منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق، واللطائف لفظاً ومعنىً بما يفي بأقصى ما يراد بلاغة إلى المرسل إليهم.