وتسوير القرآن من السنة في زمن النبي"فقد كان القرآن يومئذ مقسماً إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها، ولم يخالف في ذلك إلا عبد الله بن مسعود؛ فإنه لم يثبت المعوذتين في سور القرآن، وكان يقول: =إنما هما تعوذٌ أمر الله رسوله بأن يقوله وليس هو من القرآن+.
وأثبت القنوت الذي يقال في صلاة الصبح، على أنه سورة من القرآن سماها سورة الخلع، والخنع، وجعل سورة الفيل، وسورة قريش سورة واحدة.
وكل ذلك استناداً لما فهمه من نزول القرآن، ولم يُحْفَظْ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا، ولا اختلفوا في عدد سوره، وأنها مائة وأربع عشرة سورة، روى أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله"كان إذا نزلت الآية يقول: =ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا+.
وكانت السور معلومة المقادير منذ زمن النبي"محفوظة عنه في قراءة الصلاة وفي عرض القرآن، فترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي". ١/٨٥_٨٦
١٥_ واعلم أن الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور، بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة، علامة على الفصل بين السورتين، وإنما فعلوا ذلك؛ كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس بآية قرآنية، فاختاروا البسملة؛ لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن، وفي الإتقان أن سورة البينة سميت في مصحف أبيّ سورة أهل الكتاب.
وهذا يُؤْذِنُ بأنه كان يسمي السور في مصحفه، وكتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك. ١/٩١
١_ إن العرب أمة جبلت على ذكاء القرائح، وفطنة الأفهام؛ فعلى دعامة فطنتهم وذكائهم أقيمت أساليب كلامهم، وبخاصة كلام بلغائهم.