وهنالك أقوال أخر لا عبرة بها، وهذه كلها اصطلاحات لا مشاحة فيها إلا أن اللغة والآثار تشهد للقول الأول؛ لأن التأويل مصدر أَوَّله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه وما أراده منه المتكلم به من المعاني، فساوى التفسير على أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول، قال الأعشى:

على أنها كانت تَأَوُّلُ حُبِّهَا تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السقاب فأَصْحَبا
أي تبيين تفسير حبها أنه كان صغيراً في قلبه، فلم يزل يشب حتى صار كبيراً كهذا السقب، أي ولد الناقة الذي هو من السقاب الربيعية لم يزل يشب حتى كبر، وصار له ولد يصحبه.
قاله أبو عبيدة، وقد قال الله _تعالى_: [هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ]: أي ينتظرون إلا بيانه الذي هو المراد منه.
وقال " في دعائه لابن عباس: =اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل+: أي فَهْمَ معاني القرآن.
وفي حديث عائشة _رضي الله عنها_ كان " يقول في ركوعه: =سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي+ يتأول القرآن: أي يعمل بقوله _تعالى_: [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ].
فلذلك جمع في دعائه التسبيح، والحمد، وذكر لفظ الرب، وطلب المغفرة، فقولها يتأول صريح في أنه فسر الآية بالظاهر منها، ولم يحملها على ما تشير إليه من انتهاء مدة الرسالة، وقرب انتقاله " الذي فهمه منها عمر وابن عباس _رضي الله عنهما_. ١/١٦_١٧.
١_ استمداد العلم يراد به توقفه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم عند مدونيه؛ لتكون عوناً لهم على إتقان تدوين ذلك العلم.
وسمي ذلك في الاصطلاح بالاستمداد عن تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد، والمدد: العون والغواث؛ فقرنوا الفعل بحرفي الطلب وهما السين والتاء، وليس كل ما يذكر في العلم معدوداً من مدده، بل مدده ما يتوقف عليه تَقَوُّمه. ١/١٨


الصفحة التالية
Icon