١) قوله (تعالى): "قم الليل إلا قليلاً": أي في الصلاة، فقوله: "قم الليل إلا قليلاً" يوجب قيام أكثر الليل فلذلك أبدل منه نصفه أو أنقص منه قليلاً إلى الثلث "أو زد عليه" أي: على النصف إلى الثلثين، وهذا تخيير بين قيام أقل من نصف الليل حتماً وبين قيام نصفه ناقصاً إلى الثلث. قالوا: والمراد إلى الثلث الأخير وزاد إلى الثلثين فكان ذلك واجباً عليه وعلى أمته لقوله (تعالى): "وطائفة من الذين معك" ثم نسخ الله ذلك بقوله (تعالى): "علم أن لن تحصوه فتاب عليكم، فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى" إلى قوله (تعالى): "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" أي المفروضة. فائدة: قال أهل التفسير: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه يقومون فلا يدري الرجل متى ثلث الليل ومتى نصفه ومتى ثلثاه، فكانوا يقومون الليل مخافة أن يصبحوا فلا يحفظوا القدر الواجب حتى انتفخت أقدامهم، وقام (عليه الصلاة والسلام) حتى تورّمت قدماه، فكان يقوم أطراف أصابعه، فعطف عليه (تعالى) برحمته ومن معه فقال: "طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"، ثم رحمه الله ومن معه فأنزل الناسخ وكان بين نزول أول السورة وآخرها سنة، وقيل: ستة عشر شهراً، وقالوا وسئلت عائشة (رضي الله عنها) عن قيامه (عليه الصلاة والسلام) وأصحابه فقالت: حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها إثنى عشر شهراً في السماء ثم أنزل التخفيف في آخر السورة فصار قيام الليل تطوعاً بعد الفريضة. قلت: فظاهر كلام عائشة (رضي الله عنها) أن الوجوب نسخ في حقه (عليه الصلاة والسلام) بقوله: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك" وعن أمته بالصلوات الخمس، وبه قال قتادة ومجاهد، وقال ابن عباس وابن جبير: كان قيام الليل فرضاً على الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعلى أمته في الابتداء فنسخ الله الوجوب على الأمة بالصلوات الخمس وبقى الوجوب في حقه، قلت وهو مذهب الحنابلة.