٢) قوله (تعالى): "وآتوهم ما أنفقوا، ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر، وسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا، ذلكم حكم الله يحكم بينكم، والله عليم حكيم" أي: أعطوا مهر من لحقت بكم مؤمنة لزوجها الكافر ممن تزوجها منكم، "ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن، ولا تمسكوا بعصم الكوافر" أي: بعصم زوجاتكم اللاتي ارتددن ولحقن بالكفار. "واسألوا ما أنفقتم" أي: أعطيتم لهنّ من المهر وخذوه ممن تزوجها. "وليسألوا ما أنفقوا" أي من المهر فمن تزوجها منكم. وهذا كله كان للعهد الذي بينه (عليه الصلاة والسلام) وبين المشركين. قال الزهري: لولا العهد والهدنة التي كانت بين النبي (صلى الله عليه وسلم) وبين قريش يوم الحديبية لأمسك ولم يرد الصداق. فنسخ الله ذلك بقوله: "براءة من الله ورسوله" أي: في نقض العهد إلى قوله (تعالى): "ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم". فائدة: ذكر المفسرون أن هذه الآية من أولها وهو قوله: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات" نزلت في سبيعه بنت الحارث، وذلك أنه (عليه الصلاة والسلام) صالح مشركي مكة عام الحديبية على أنه من أتاه من أهل مكة ردّه إليهم ومن أتى أهل مكة من أصحابه لم يردده، وكتبوا بذلك كتاباً وختموا عليه، وكره كثير من المسلمين هذا الشرط ولكن لهيبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمسكوا على كراهية منهم. فلما قفل راجعاً لحقته سبيعه بنت الحارث فقالت: يا محمد قد جئتك مؤمنة بالله مصدقة بما جئت به، فأخذها فلحقها زوجها بجماعة من المشركين فقال: يا محمد أردد عليّ امرأتي فإنك اشترطت أن تردّ علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فهمّ (عليه الصلاة والسلام) أن يردّها عليهم، فنزلت هذه الآية. واختلف العلماء في رد النساء هل شرط في العقد لفظاً أو عموماً، فذهب بعضهم إلى أنه شرط صريح، فنسخ ردّهن من العقد في الرجال. قلت فعلى هذا فالآية